للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال آخر:

ويوم سموم خلت أن نسيمه ... ذوات سموم للقلوب لواذع

ظللت به أشكو مكابدة الهوى ... فكوزي ملآن ومائي فارع

وقال محمد بن أبي الثياب شاعر اليتيمة:

وهاجرة تشوي الوجوه كأنها ... إذا لفحت خدي نار توهج

وماء كلون الزيت ملح كأنه ... بوجدي يغلي أو بهجرك يمزج

وقال الثعالبي:

رب يوم هواؤه يتلظى ... فيحاكي فؤاد صب متيم

قلت إذ صك حره حر وجهي ... (ربنا اصرف عنا عذاب جهنم)

ولقد تقدم من ذلك الأديب أن وصف حر الصيف بأنه: (لا يطيب معه عيش ولا ينفع معه ثلج ولا خيش). فما هو الخيش؟ يحدثنا الطبري وياقوت في معجم الأدباء إنه كانت عادة الأكاسرة أن يطين سقف بيت في كل يوم صائف فتكون قيلولة الملك فيه وكان يؤتي بأطباق الخلاف (وهو صنف من الصفصاف طوالا فتوضع حول البيت ويؤتي بقطع الثلج الكبار فتوضع ما بين أضعافها. وكانت هذه عادة الأمويين أيضاً؛ ولكن في عهد المنصور العباسي اتخذت طريقة أخرى للتبريد فكانوا ينصبون الخيش الغليظ ولا يزالون يبلونه بالماء فيبرد الجو (في المنجد: الخيش نسيج خشن من الكتان)

وكان أهل الترف في ذلك العصر يستعيضون عن دخول السراديب بنصب قبة الخيش أو بيت الخيش.

وفي لطائف المعارف للثعالبي (وكان الخيش ينصب على قبة ثم اتخذت بعدها الشرائح فاتخذها الناس). وحكى المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم، في معرفة الأقاليم): أنه رأى في دار عضد الدولة البويهي بشيراز بيوت الخيش يبللها الماء على الدوام بواسطة قنوات حولها من فوق.

قال الأستاذ آدم متز في كتابه (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري) يظهر أن طريقة استعمال الخيش وسيلة لتبريد الهواء كانت شائعة في بغداد جداً؛ إذ يحكى عن أحد القواد في القرن الرابع الهجري أنه لم ير فرقة من الجند أتت من بغداد أهلا للقيام بغزوة

<<  <  ج:
ص:  >  >>