ولقد تقدم من ذلك الأديب أن وصف حر الصيف بأنه:(لا يطيب معه عيش ولا ينفع معه ثلج ولا خيش). فما هو الخيش؟ يحدثنا الطبري وياقوت في معجم الأدباء إنه كانت عادة الأكاسرة أن يطين سقف بيت في كل يوم صائف فتكون قيلولة الملك فيه وكان يؤتي بأطباق الخلاف (وهو صنف من الصفصاف طوالا فتوضع حول البيت ويؤتي بقطع الثلج الكبار فتوضع ما بين أضعافها. وكانت هذه عادة الأمويين أيضاً؛ ولكن في عهد المنصور العباسي اتخذت طريقة أخرى للتبريد فكانوا ينصبون الخيش الغليظ ولا يزالون يبلونه بالماء فيبرد الجو (في المنجد: الخيش نسيج خشن من الكتان)
وكان أهل الترف في ذلك العصر يستعيضون عن دخول السراديب بنصب قبة الخيش أو بيت الخيش.
وفي لطائف المعارف للثعالبي (وكان الخيش ينصب على قبة ثم اتخذت بعدها الشرائح فاتخذها الناس). وحكى المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم، في معرفة الأقاليم): أنه رأى في دار عضد الدولة البويهي بشيراز بيوت الخيش يبللها الماء على الدوام بواسطة قنوات حولها من فوق.
قال الأستاذ آدم متز في كتابه (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري) يظهر أن طريقة استعمال الخيش وسيلة لتبريد الهواء كانت شائعة في بغداد جداً؛ إذ يحكى عن أحد القواد في القرن الرابع الهجري أنه لم ير فرقة من الجند أتت من بغداد أهلا للقيام بغزوة