هامة لأنهم في رأيه قد ألفوا بيوت دجلة وشرب النبيذ والثلج وبيوت الخيش المبلل وسماع القيان كما نقل ذلك ابن مسكويه.
وقال الغزولي في مطالع البدور: وكان يستعمل في البيوت صيفاً مروحة تشبه شراع السفينة تعلق في سقف البيت ويشد بها حبل يديرها وهي تبل بالماء وترش بماء الورد؛ فإذا أراد الرجل أن ينام وقت القائلة جذبها بحبلها فتذهب بطول البيت وتجئ فيهب منها نسيم بارد طيب.
وجاء في جمهرة الإسلام للشيرازي وكتاب المحاسن والمساوئ للبيهقي (أنه كانت حراقات دجلة التي يستعملها رجال الدولة في غدوهم ورواحهم يعد فيها الثلج ويعلق عليها الخيش المبلل بالماء وكانت ترخى على الخيش ستور الكرابيس).
وقد رأيت في كتاب أساس البلاغة للزمخشري ما نقله عنه في تاج العروس من أن (الحراقة هي سفينة خفيفة المر). أما الكرباس فهو كما في المنجد: الثوب الخشن جمعه. كرابيس والكلمة من الدخيل.
وكان أهل بغداد ينامون في ليل الصيف على سطوح البيوت يدل على هذا ما حكاه معظم المؤرخين كابن الأثير في الكامل وابن الجوزي في المنتظم وغيرهما - من ظهور حيوان يسمى الزبزب في عام ٣٩٤هـ كان بحسب زعم الناس يأكل الأطفال بالليل من على السطوح وما كان حيواناً بل وهماً نشأ من وجود اللصوص. ويقول ابن الجوزي في المنتظم إنه في تموز من سنة ٣٠٨هـ برد الجو حتى نزل الناس من السطوح وتدثروا باللحف؛ هذا في مدينة بغداد أما في آمل وهي كما في المعجم لياقوت أكبر مدينة بطبرستان في السهل لأن طبرستان سهل وجبل - لقد كانت السطوح في آمل مسنمة لكثرة الأمطار صيفاً وشتاء كما نقل ذلك الاصطخري في مسالك الممالك.
أما في اليمن فيحدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب - فكان الغالب على صنعاء البرد حتى كان إذا اشتد بها الصيف ودخل الرجل ليقيل على فراشه لم يكن له بد من أن يتدثر لأن البيوت باردة بسبب القصة (الجصة) التي تشبع بها (تطين) بواطن البيوت لأن الجص في صنعاء يخلط بمادة غروية هناك فيظهر للبناء بعد جفاف الجص بريق جوهري كبريق المصقول من الجواهر؛ وتشبه الجدران في بياضها