المناسبة من المهم أن نتذكر، كما يقول الأستاذ نوتستين:(بأن التمدين والهذيب في اليابان قد قطعا أشواطاً بعيدة؛ إلا أن نمو السكان كان من نوع التضاعف الثلاثي في القرن الواحد. وقد حصلت أكثر من نصف الزيادة بعد أن ابتدأ معدل الولادات في الهبوط. ومع أن اليابان قد قدمت للعالم مثلاً للتصنيع السريع فإن الاتجاه القادم لنمو السكان فيها سيعتمد على المدى الذي ستؤثر فيه الهزيمة على تطورها الاقتصادي. ولكن علماء السكان يقدرون بأن النمو لا يزال يفعل فعله بين الشعب الياباني.
وإذا عدنا إلى روسيا التي تملك مساحة واسعة من الأرض بين أوربا وآسيا، وتلتقي فيها خصائص الشرق والغرب المتنوعة التي تتميز بها ظاهرة النمو، وجدناها تجني الآن ثمار النهضة الإحصائية، لأنها البلاد الوحيدة القادرة على استغلال كل إمكانيات النمو الانتقالي. فقد حصل فيها توسع صناعي كبير، وانخفض معدل الوفيات بنتيجة التقدم الصحي والطبي. ولم يتخلل عهد التصنيع في هذه البلاد سوى هبوط ضئيل في معدل الولادات، ومع ذلك فإن هذا المعدل حسب ما هو ملاحظ آخذ في الازدياد؛ لأن السياسة القومية تشجع بنشاط العائلات الكبيرة، يضاف إلى ذلك أن الوضع الحالي للاتحاد السوفيتي يشير إلى احتمال حصول زيادة في عدد النساء خلال العقود القادمة. ويتوقع فرانك لوريمر المستخدم في شعب الإحصاء في روسيا في كتابه (سكان الاتحاد السوفيتي) حصول زيادة في السكان بين عامي ١٩٤٠ و١٩٧٠ تقدر بـ ٧٠ , ٠٠٠ , ٠٠٠. وقد وصلت روسيا في الوقت الحاضر إلى المرحلة الانحدارية من الدورة، ودخلت كدولة أوربية في مرحلة الهبوط الأولى. وإذا ما استقرينا قوانين السكان وجدنا أن معدل النمو في روسيا لا يفوق معدل الزيادة الكبيرة في نفوس سكان جاوه مثلاً تحت ظل النظام الاستعماري الهولندي، ولكن في روسيا مجالات تمدد جديدة تتمثل في الحركة الصناعية النامية بينما سبق لجاوة أن اجتازت المرحلة النهائية من مراحل التطور الاقتصادي الزراعي. وبالإضافة إلى ذلك أن الاتحاد السوفيتي يملك داخل حدوده منطقة بكر واسعة لا تملكها أية دولة كبيرة أخرى وهي منطقة سيبيريا. فليس هناك من شك بأن روسيا تنتظر توسعاً كبيراً في السكان، ولكن السؤال الذي يدور في بقية أنحاء العالم هو فيما إذا كان في مستطاع روسيا أن تحتفظ بهذه الزيادات داخل حدودها.