وتسألني بعد هذا كله ماذا ينقص سهيل إدريس ككاتب قصة؟. . إنني أعود إلى ما سبق أن كتبته عنه في مكان آخر غير (الرسالة)، أعود إليه لأحذف منه فقرات وأقتطف فقرات، تبعاً لما جد من أسباب الكمال وما بقى من أسباب القصور.
إن كل ما يؤخذ على فن الأستاذ إدريس ظاهرتان: الظاهرة الأولى هي أنه لا يكاد ينظر إلى الحياة إلا من زواياها الضيقة، تلك التي لا تتمثل الخلجات النفسية إلا في إنسان يحب وإنسانة تحب، مع أن في الحياة زوايا متعددة وألواناً لا حصر لها من المشاعر الإنسانية! أما الظاهرة الثانية فهي خلو قصصه من النماذج البشرية؛ إن سهيل إدريس لا يقدم إليك نموذجاً بشرياً واحداً يمكن أن يمثل شخصية من الشخصيات المحلية في المجتمع اللبناني الذي يعيش فيه، ومن هنا كان نقص النماذج البشرية في قصصه يفقدها عنصراً ممتازاً من عناصر التصوير الوصفي، ذلك الذي يعني برسم الملامح الخارجية للشخوص كما هي في واقع الحياة! وتسألني مرة أخرى عن حكمي الأخير على هذه المجموعة القصصية فأقول لك: إنها عمل فني جدير بالتهنئة!
(من وراء الأبد) ورسالة من شرق الأردن:
قبل أن أكتب إليك ما أريد كتابته عن قصتك الخالدة (من وراء الأبد) المنشورة في الرسالة الغراء العدد (٨٣٨)، أقدم إليك تحية التقدير والثناء، تحية القلب من الأعماق إلى روحك الطهور المثالي وقلبك الخفاق، يفيض الإبداع في شجون القلب وشئون الفكر.
لقد ساقت إليك الأقدار فتاة أحلامك، فوجدت فيها الجمال الروحي الذي كنت تنشده في سماء الوهم يوم أن هبطت إليك وأنت على أرض البشر لتأخذ باقة من الزهور فأحببتها، وأنت تعرف جيداً زيارتها لأملها الدفين يوم كنت تقدم لها تلك الباقة في صباح كل ثلاثاء، لتعطر ثرى ذلك القبر. . . ثم تقدمت إلى تلك الروح بغير تردد حين وجدت أنها ضالتك المنشودة، لتملأ فراغ قلبك ودنياك. فلم كرهت ذهابها إلى القبر بعد الزواج، حتى أدى ذلك إلى القطيعة والفراق؟ أليس الحب شعوراً مقدساً قبل الزواج وبعده؟! ولماذا لم تستطع أن تملأ هذا الفراغ الموحش من قلبها (إن كان موجوداً) بعد الزواج بأحاسيسك وشعورك وأنت صاحب الأحاسيس والشعور والخيال؟!
إن الحب لا يبلغ أعلى مراتب السمو إلا بالتضحية وأنت هنا لم تضح بشعورك وقلبك في