للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآخرين تقصدون - أيحق لي أن أقول الحانة، أو الهيكل، أو مكان الأكل؟

فأجاب ميار - سمعها الحانة، أو ما شئت، ولكن إذا كنت ستتناول طعام الغذاء معي فلا بد أن أخبر الخادم بذلك.

- صغيرة، أليس كذلك؟

- أوه، كلا، عجوز يا صديقي، عجوز. فضلاً عن أني انقطعت عن الذهاب إلى باربا. ثم لم أتردد عليه منذ ثلاثة أعوام. فأنت في سن معينة. . . - بعد الأربعين

- بعد الأربعين، يجب أن تتحلى بالشجاعة، وتدير ظهرك للطريق الذي قد يؤدي بك إلى الهاوية. فإن أردت التردي - حسن، فليكن ذلك، على أن تنزلق في بطء، في منتهى البطء وفي خفة، محاذراً ألا تتدحرج، أو تتعثر فتسقط. حسن، ها قد وصلنا. سأطلعك على ما قمت به من عمل طيب بسيط لداري الصغيرة

وأخذ صديق جيجي ميار يردد قائلاً وهو يصعد الدرج خلفه - في بطئ في منتهى البطء، وفي خفة. . علم طيب بسيط. . دارك الصغيرة. مخلوق ضخم التكوين مثلك يتأنق! مسكين أنت يا جيجي! ما الذي فعلوه بك؟ أحرقوا ذيلك؟ أتود أن تترقرق عيناي بالدمع؟

فقال ميار وهو ينتظر حتى تفتح الخادم الباب - حسن، يجب أن نكون في وفاق مع وجودنا اللعين، عند هذه المرحلة من العمر. دلل هذا الوجود، تملقه حتى بالتوافه، وإلا جعلك تافهاً. إني لا أود بأية حال من الأحوال أن أجد نفسي مدفوناً في حفرة عمقها أربعة أقدام. لا، لست أنا.

فقال الآخر يحاول أن يجادله في هذه النقطة - إذا فأنت تعتقد في الرجل أنه حيوان من ذوي الساقين؟ لا تقل إنك تعتقد ذلك يا جيجي الصغير؟ أنا أعرف أية مجهودات أبذلها لأظل قائماً على قدميَّ. صدقني يا صديقي، لو تركنا الطبيعة تسير في طريقها لأصبحنا من ذوات الأربع. إن هذه المدينة اللعينة تهدمنا لو كنت من ذوات الأربع لأصبحت حيواناً متوحشاً جميلاً، ولرفصتك رفصات عديدة بسبب ما حدثتني عنه، ولأصبحت بلا زوجة، وبلا ديون، وبلا هموم. أتريدني أبكي؟

ودهش جيجي من حديث صديقه، ذلك الذي هبط إليه من السحاب وجعل يتأمله وينقب في أركان ذهنه عن اسم ذلك الشيطان، وكيف ومتى عرفه في بادوا، سواء في طفولته أو في

<<  <  ج:
ص:  >  >>