الكتب يجد الحكام والزعماء والعلماء والمخترعون مثلا تهديهم وتنير لهم السبيل.
ومن تلك المصادر أيضاً كتب السير التي تتخذ موضوعها شخصية ناجحة تدرس حياتها ووسائل نبوغها، والأسباب التي مهدت لها سبل الفوز والنجاح. وبهذه المناسبة أرى أن التأليف العربي، يجب أن يعنى بتاريخ العصاميين الذين نجحوا في حياتهم من التجار والصناع والزراع حتى نضع بين أيدي النشء نماذج لأنواع المثل العليا.
ومن مصادرها المسرحيات التي يكون من أغراضها تصوير السمو الإنساني لبطل حقيقيّ أو متخيل، وكذلك الروايات والقصص التي تعالج هذه الناحية السامية.
ومن تلك المصادر الشعر أيضاً؛ فقد حفظ لنا صورا لنماذج ممتازة من الناس، ومثلا راقية من الأخلاق. ومنذ القديم يضع القادة الشعر في قائمة تربية الناشئين، وغرس المثل العليا في نفوسهم. وللشعر أثر كبير في توجيه النفس نحو الكمال، والبعد عن الصغار، وها هو ذا معاوية بن أبي سفيان يتخذ مثله الأعلى بطلا يأبى الفرار من ميدان القتال مهما كان الثمن:
حدث معاوية قال: (اجعلوا الشعر أكبر همكم، وأكثر أدبكم، فقد رأيتني بصفين، وقد أتيت بفرس أغر محجل بعيد البطن من الأرض، وأنا أريد الهرب لشدة البلوى، فما حملني على الإقامة إلا أبيات عمرو بن الإطنابة:
أبت لي همتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات ... وأحمى بعد عن عرض صريح
وقد صدق أبو تمام حين قال:
ولولا خلال سنها الشعر ما درى ... بغاة الندى من أين تؤتي المكارم
هذا وفي الحياة أمامنا نماذج صالحة لأن تكون مثلا عليا؛ فلدينا عصاميون جعلوا وسيلتهم إلى المجد همة ماضية وعزيمة قوية، وهم شواهد حية على أن المرء يستطيع أن يحقق مطامعه إذا أراد وعمل.
والطريقة الفضلى لتحقيق المثل الأعلى أن نرسم الخطط والوسائل التي تصل بنا إليه؛ فإننا