للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى منبعين في نفسه هما حبه للجمال وإيمانه بالوفاء، وطاف بأجزاء ديوانه الأربعة فأورد منها أمثلة لما قرر، فوفى الموضوع حقه، ودل حديثه على اقتدار الدارس وذوق الأديب.

وكان حظ التأبين من الشعر أقيم من النثر، فقد كانت القصائد جيدة، ولا سيما قصيدتا الأستاذين غنيم ومحمود إسماعيل وقد خرج محمود شيئاً مما اعتاده من الإبهام وإكراه الاستعارة، وأجاد في تصوير وفاة الشاعر وهو يسمع قصيدته تلقى في تأبين المغفور له محمود فهمي النقراشي باشا، وأحسن في استطراده إلى الحديث عن النقراشي باشا ومصرعه وفجيعة البلاد فيه.

ويظهر أن ترتيب الخطباء والشعراء كان وفق (أقدمية التخرج) فقد ران على الحفل بعد كلمة الافتتاح، وهن الكبر، فبعث شيئا من الخمود، لم يلبث أن ذهب بما اتقد بعده من جذوات كانت أخراها قصيدة محمود حسن إسماعيل. . .

تأبين الريحاني:

وأقامت نقابة الصحفيين حفل تأبين لفقيد الفن المرحوم الأستاذ نجيب الريحاني يوم الجمعة الماضي. وقد تكلم في هذا الحفل الأستاذ حافظ محمود عن نقابة الصحفيين، والأستاذ أنور أحمد عن وزارة الشؤون الاجتماعية، والدكتور محمد صلاح الدين بك رئيس اللجنة العليا للتمثيل المسرحي والموسيقى والسينما، والأستاذ يوسف وهبي بك نقيب الممثلين، والأستاذ بديع خيري باسم أسرة الفقيد؛ فألقى كل منهم كلمة مناسبة للصفة التي تقدم بها، وعزف الأستاذ سامي الشوا على الكمان قطعة حزينة موضوعها (نجيب الريحاني).

والذي يستوجب الوقوف عنده في هذه الحفلة، كلمة الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني، وقصيدة الأستاذ علي محمود طه. أما الأستاذ المازني فقد حلل شخصية الريحاني الفنية وفكاهته المسرحية تحليلا قيماً بارعاً، قال فيه: ما تذكرت الريحاني أو ذكر اسمه إلا تذكرت صوته الأجش الخشن الذي كنت أشعر أنه خارج من أعماق صدره، وأنا عاجز عن الفصل بين نجيب وصوته حتى لقد كان صوته يغنيني عن رؤية تمثيله فأغمض عيني أو أطرق. وقال إن الريحاني لم يكن يشعر أنه يظهر على المسرح ليؤدي دوراً في رواية ثم يخرج ليستأنف حياة أخرى لا علاقة لها بالمسرح، وإنما كان يشعر أن هذه الرواية هي الحياة الحقيقية وأنه لا يمثل بل يحيا، وأنه إنما كان يمثل حين يترك المسرح ويخرج إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>