وطبيعي أني لا أقصد بكلامي هذا مناقشة وتحقيقما تم في هذا العهد الذي انتهى بالتسليم بوجهة النظر التي لمستها من أول الأمر وشرحها من المبدأ بطريقةإيجابية للجهات المسؤلة.
انتهت حالة الحرب معتركيا بهدنة مدروس التي تم التوقيع عليها على ظهر بارجة إنجليزية في ٣٠ أكتوبر سنة ١٩١٨ ولم ينص في بنودها على شروط خاصة بنزع السلاح ولا تسريح الجيش بشكل قطعيولا على العقوبات التي كان يجب أن توقع على الرجالالمسؤولين الذين باعواضمائرهم لدول الوسط
ولما كانت فكرة تقسيم تركيا بعيدة عن الأنظار في ذلك العهد ولم يكن أحد متوقعاً لها - وإن كانت السياسة الإنجليزية أعلنها بعد ذلك وجعلتها غرضاً من أغراضها - لذلك لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لتنفيذها ولم ينص على شيء من ذلك في عقد الهدنة. وهذا يدهش طبعاً العقلية الألمانية أو الفرنسية التي اعتادت التفكير بشكل منطقي منظم يتطلب النظر والاستعداد لكل حالة بعد وقوعها، ويجعل الكثيرين حيارى أمام التغيرات التي تطرأ على السياسة الإنجليزية بل تجعل بعضهم يرمونها بأنها دائماً مقترنة بنكث العهود مع أن الحقيقة أن هذه التغييرات هي نتيجة للتسرع في العمل أمام حالات طارئة، وهذا التسرع تستدعيه طبيعة القرارات التي توجه السياسة لجهة معينة بغير الدخول في التفاصيل التي يترك لمقتضى الأحوال تكييفها أو تسييرها
قررت الحكومات الثلاث لدول إنجلترا وفرنسا وإيطاليا بعد عشرة أيام من إمضاء الهدنة تعيين ثلاثة مندوبين ساميين لتعهد مصالحها في تركيا، فعينت إنجلترا الأميرال كالثروب الذي عقد الهدنة مندوباً لها، وعينت فرنسا الأميرال أميت قائد أسطول الشرق، وتعينت أنا مندوباً عن إيطاليا فسافرت لتسلم عملي عن طريق كورفو، وسافر معي جزء من الأسطول إلى استنبول.
ولما وصلنا تبين لنا أن الآلة الحكومية التركية قد تعطلت وفقدت سلطتها فأصبح من المحتم علينا تحمل عبء الحكم مؤقتاً انتظاراً لما يقرره مؤتمر الصلح في باريس.
وكانت القوات البحرية الراسية في البوسفور والقوات البرية المعسكرة في تركية الأوربية