أن وجد أنه عاشق في الباطن لأمه!. . . الواقع إنك لم تعد الحق حين أفصحت عن حيرتك أمام هذا التعليل، وحين قلت إنك لم تفهم كيف أرتضى الأستاذ الحكيم أن يشبه حالة أوديب أمام المأساة بحالة فرويد أمام حقائق النفس! إلى هنا يا صديقي وأقف إلى جانبك لأنه لا وجه للمقارنة على الإطلاق. . . أما بعد ذلك فلا أرضى عن تفسيرك للمشكلة عندما تقول: إن البحث عن الحقيقة قد أدى عند فرويد إلى اكتشاف الحقيقة فحسب، ولكنه عند أوديب قد أدى إلى وقوع الكارثة أو المأساة وواضح إن الفرق بين الحالين أكبر وأوسع من أن يستسيغ أي تشبيه بينهما!
أريد أن أسأل: هل كشف فرويد حقاً عن الحقيقة التي يرددها من بعده الكثيرون في الشرق والغرب، وأعني بها عشق الطفل في الباطن لأمه؟ هذا العشق الناتج عن مص ثدييها في حالة الرضاع مما يترتب عليه لون من ألوان اللذة الجنسية، حتى لتتحل تلك اللذة عند تقدم السن إلى عادة التدخين عند كثير من الناس؛ لأن فيها بقية من المتعة الجنسية في الصغر ممثلة في عملية المص بالشفتين، والفم كما يقول فرويد منطقة من المناطق الشديدة الحساسية والشعور باللذة؟!. . . ليصدقني الكثيرون إن هذا التفسير النفسي الذي جاء به فرويد تفسير يحفل بالشذوذ وانحراف التفكير؛ لأنك لو أرضعت الطفل من ثدي أنثى من إناث الحيوان لهام بها نفس هيامه بأمه، ولتعلق بها نفس التعلق ولأقبل عليها نفس الإقبال؛ لأن عقله الصغير إلى أبعد حدود الصغر لا يهيئ له أن يفرق بين مرضعة ومرضعة ولا بين حيوانه وإنسانه! إن المسألة مسألة الشعور بالجوع واندفاع إلى كل منبع من منابع التغذية يمكن أن يرد عن الطفل الجائع غائلة الجوع، فكيف نقبل هذا الشذوذ الفكري الذي ينادي به فرويد حين يلصق بالطفولة البريئة نزعة الانحرافات الجنسية؟!. . . ثم هل تتحول حقاً تلك اللذة الجنسية المتخلفة عن أيام الطفولة إلى لذة التدخين عند كثير من الناس؟ ترى كيف يستقيم هذا التفسير العجيب إذا ما قدر لفرويد أن يعيش في تلك الأيام التي لم يكن فيها تدخين ولا مدخنون؟!. إننا في انتظار الجواب من المولعين بهذا اللون الطريف من الدراسات النفسية!
بقي أن أرد على النقطة الأخيرة التي أثارها الأستاذ الونداوي حول رأي آخر من آراء الأستاذ الحكيم حين يقول: إن الطعن الذي أنزله أوديب بعينيه قد ذهب في تفسيره أندريه