جيد في مسرحيته إلى كونه إمعاناً في الكبرياء. يؤكد الأستاذ الونداوي أن الواقع يشهد وصحائف الكتاب بدورها تشهد بأن أندريه جيد لم يقل مثل هذا الكلام ولم يفكر فيه، لأنه قال بصراحة عن لسان أوديب مخاطبا الكاهن تيرسياس بأنه - أي أوديب - إنما يفقأ عينيه لأنهما لم تحسنا تنبيهه إلى الكارثة قبل وقوعها ولم تضيئا له الطريق! معذرة يا صديقي إذا أكدت لك أن الواقع يشهد وصحائف الكتاب بدورها تشهد بأن أندريه جيد قد قال مثل هذا الكلام وفكر فيه. . . أما عن الواقع فهو ممثل في تلك الزاوية التي سلط أضواءه على شخصية أوديب الإنسانية؛ وهي الشخصية المتعالية المتحدية المتكبرة المغرورة الثائرة على الآلهة في كل فصل من فصول مسرحيته. إن طعن أوديب لعينيه لم يكن في الواقع إلا تحديا للألم وإمعاناً في الكبرياء! مهلا يا صديقي ولا تعترض. . . إن صحائف الكتاب تشهد بصدق ما أقول، هناك قبل نهاية الفصل الأخير بصفحتين حيث يقول أندريه جيد عن لسان تيرسياس مخاطباً أوديب بعد أن فقأ عينيه:(إذن فهي الكبرياء التي دفعتك إلى أن تفقأ عينيك. لم يكن الإله ينتظر منك هذا الإثم الجديد ثمناً لجريمتك الاولى، وإنما كان ينتظر منك الندم ليس غير)!
بعد هذا أرجو أن يتقبل الأستاذ الونداوي خالص الشكر على حسن ظنه، وعاطر التحية على صدق إخائه.
حول مستقبل الشعر وانحراف المواهب:
هذا العنوان يجمع بين عنوانين، أحدهما لمقال كتبه الأستاذ يوسف البعيني في العدد (٨٣٥) من الرسالة، والآخر لمقال كتبته أنا في العدد (٧٩٧) من الرسالة. . . ولقد لاحظت أن الأستاذ البعيني قد جال بفكره في نفس الأفق الذي جلت فيه من قبل، وأن هناك كثيراً من التقارب بين وجهات النظر وطرائق التعبير ومرامي الألفاظ. أنه لون من توارد الخواطر غير شك؛ لأن طبيعة الموضوع الذي تناولته بالدراسة كما تناوله الأستاذ البعيني حول ماضي الفن وحاضره، من شأنها مع النظرة المتغلغلة في أعماق المشكلة أن يخرج منها الباحث بمثل ما خرج به الأستاذ وخرجت، من تحليل يؤدي إلى تعليل ومن مقدمة تدفع إلى نتيجة.
يبدأ الأستاذ البعيني مقاله عن (مستقبل الشعر) بهذه الكلمات: (أجمع فريق من الحكماء