وأبو عمرو يميل إمالة كبرى تارة ويميل إمالة متوسطة مرة أخرى، ولكنه على كل حال من القراء المكثرين في الإمالة، أما أن الصراع العلمي الخ ففيه نظر حيث إن القراءة سنة متبعة تؤخذ بالتلقي والرواية لا بالتشهي والهوى، وقد يخالف القارئ من حوله لتلقيه عن شيوخ آخرين متأثراً بما تلقاه عنهم، ولهذا لم يكن من الغريب أن عاصماً خالف الكوفيين في إمالتهم لأنه قال لحفص: ما كان من القراءة التي أقرأتك بها فهي القراءة التي قرأت بها علىأبي عبد الرحمن السلمي عن علي. والقراءة التي أقرأتها أبا بكر بن عياش هي القراءة التي كنت أعرضها على زر بن حبيش عن ابن مسعود.
في ص٤٦ (في مثل الفعلين باع، وقال يظهر أنه قد أتى عليهما حين من الدهر كان ينطق بهما بيع وقول بفتح فسكون ثم تطور الصوت الأول إلى والصوت الثاني إلى ثم تطور إلى أي أن فتحة باء الكلمة في الفعل الأول قد أميلت إلى الكسرة وفي الفعل الثاني قد أميلت إلى الضمة - وحقه أن يقول فخمت لأن هذا هو الاصطلاح كما في النشر وكتاب سيبويه ومفصل الزمخشري - ثم تطورت الإمالة إلى الفتح باع وقال).
أين الدليل على إنهما أتى عليهما حين من الدهر كان ينطق بهما بيع وقول مع إن الأفعال الماضية الصحيحة وهي الأكثر متحركة الوسط ويقاس على وزنها الأجوف ولم لم تكن مثلاً من أول أمرها قال وباع والطفل يقول بابا وماما من أول الأمر وهل اللفظ الإنجليزي كان أصله مثلاً ثم تطور وأنه ينتظر تطوره إلى التي بمعنى آخر محافظاً على معناه وهل لفظة مثلاً كانت ثم تطورت إلى ثم صار أخيراً حيث يقول لنا في ص ٤٧ تلك هي المراحل التي تبررها القوانين الصوتية، وهل لفظة كانت ثم تطورت إلى وأرجو ألا يحتج علي بمثل وماضيها لأن الأول مضارع والثاني ماض، وإلا فهمت أن الأول كان يستعمل للماضي أولاً، ومع ذلك فهل سيصير مستقبلاً بالمعنى الأصلي لا بالمعنى الحالي، ثم ما قوله في الشعر الآتي:
ليت وهل ينفع شيئاً ليت ... ليت شباباً بوع فاشتريت
و: حوكت على نيرين إذ تحاك=تختبط الشوك ولا تشاك
في ص ٥٢ (ثم قسموا الإدغام إلى كبير وهو الذي فيه يفصل بين الصوتين الساكنين صوت لين قصير (أي حركة) وقد نسب الإدغام إلى أبي عمرو بن العلاء، وهذا النوع من