للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكان رئيس وزراء بريطانيا مصمماً على هذا الرأي على رغم مخالفة فرنسا وإيطاليا له، وقبل أن يستشير رؤساء وزارات الممتلكات البريطانية الحرة - الدومنيون - قبل قذفه بالإمبراطورية في غمار حرب جديدة، وهذه غلطة أخذها عليه السياسيون الإنجليز لمخالفتها النصوص نظام تكوين إمبراطوريتهم.

ولكن الزعيم التركي فاز بصبره عليه إذ عرف كيف يتجنب خطر ذلك الموقف الزلق، وكيف يدرأ عن بلاده مصيبة حرب، جديدة، وقدر على نفسه وهو في قمة مجده وبيده مقاليد رجال طوع إشارته، فردها على سراب الأطماع وأخضع نفسه لإرادته

ويلذ لي هنا ذكر ما كتبه تشرشل وهو الواضع مع لويد جورج أساس السياسة التي أتبعتها بريطانيا في الشرق الأدنى والمسئول معه عن نتائجها وإن كان كاتبها لم يقدر تماماً ما كان للزعيم التركي من فضل في حقنه للدماء وإيقافه اشتعال حرب جديدة مع دولة أوربية بعد أربع سنوات من انتهاء الحرب العظمى قال. .

(وجه كمال كل مجهوده إلى الغرض الأساسي الذي أمامه والذي كان من السهل الوصول إليه وأستعمل قوات الفرسان التي كانت تحمى جناحيه ليظهر قوته أمام الإنجليز المحتلين لجناق - ولكنه أصدر لضباطه تعليمات شديدة ليتحاشوا القيام بأي مظهر عدائي، وأن يكون تقدمهم بطريقة ودية. ولم يتغير تصرفهم هذا أمام كلُّ الظروف التي اعترضتهم، بل ذهبوا إلى إظهار التآخي بطلب بعض المهمات والأشياء التي يحصل تبادلها بين قوات متحابة معسكرة في مكان واحد - وبهذا أمنت كلُّ القوات البريطانية التي كانت محتلة للمضيق في الوقت الذي كان الخطر محدقاً فيه باستانبول التي لم يكن من اختصاص بريطانيا الدفاع عنها.

لقد عرفت عن كثب أنور باشا وهو من رجال الحرب نبغ من أحرار الأتراك، وكان عاملا من أول الحركة التي أشعلتها جمعية الاتحاد والترقي، ثم قائداً في حرب طرابلس ضد إيطاليا، وأخيراً في الحرب البلقانية.

ولم أر اليأس قط متغلباً على أنور حتى في أشد الأوقات محنة حينما كان البلقانيون على خطوط تشا طلجة، ولكن مزاياه الخلقية والفكرية كانت تتضاءل أمام حبة للمباهاة بنفسه وخيلائه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>