يقول:
بلغتني يا ابن فضل الله مطَّلباً ... لم أرجه من بني الدنيا ولم أخل
وقد سموت لديوان الرسائل في ... طي ادكارك لا كتبي ولا رسلي
غير أنه ابتلى حينذاك بتأخر مرتبه، وانقطاع هبات علاء الدين بن فضل الله وتغير قلبه عليه. وكان ذلك مثاراً لشكاية ابن نباتة فمدح علاء الدين مدحاً امتزج فيه العتاب واللوم، والاعتذار والشكوى، والأمل والرجاء. فمن ذلك قوله:
أمولاي قد غنى بمدحي لك الورى ... وسارت به الركبان في السهل والوعر
إلى أن قال:
على أن عندي كأس شكوى أديرها ... على السمع ممزوجاً بدمعي الغمر
أيكسر حالي بالخفاء وطالما ... تعودت من نعماك عاطفة الجبر
ويدفعني عن قوت يومي معشر ... وأنت عليهم نافذ النهى والأمر
ولو كان ذنب لاعترفت به ولا ... تحيلت في عذر ولا جئت من غفر
ويقول له:
يا صاحب الذيل من لفظ وفضل علا ... هل أنت مصغ لما تمليه أسمالي
عاثت يد الدهر في يومي وقد بليت ... أضعاف ما بليت بالهم أقوالي
وقد تكررت هذه المعاني منه في أبيات كثيرة. ومما زاد في آلامه حينذاك أن أشتد به الحنين والشوق إلى بقية أبنائه ممن تركهم بمصر، وكأنما أبقاهم بها وسيلة ميسورة لقلقه وهمه وشكواه. يقول:
صب بمصر حيث أولاده ... بالشام يذري الدمع مصبوبا
ذو كبد حرى وهم بعضها ... فالكل يشكو الشوق ألهوبا
ويقول:
يا ساكني مصر تبت للفراق يد ... قد صيرت بعدكم حزني أبا لهب
ويقول في سياق مرثيته للتقي السبكي يتشوق إلى مصر
ويصف قلبه الموزع:
من لي بمصر التي ضمتك، تجمعنا ... ولو بطون الثرى فيها فيا طربي