أب يحاول أن يقنعها بأنه أبوها وأنها ابنته، وكلما شق طريقاً إلى القلب المغلق وقف الماضي البغيض ليعترض طريق أحلامه وأمانيه!. . . إذا قال لها إن عينيه تشبهان عينيها قال له: أجل يا أبي بما ليس فيهما من حنان! وإذا قال لها يجب أن تؤمن بطهارة الأم التي أنجبتك، قالت له: إن من يعيش معك يا أبي لا يؤمن بأحد! وإذا قال لها أحبي يا ابنتي ما كرهته واجتويته ونفرت منه عشرين عاماً، أنا بشكلي ورأسي ويدي وظهري قالت له: ولكن ابتسامتك يا أبي، ونبرة صوتك، ووقع خطا! وإذا قال لها ألا نحاول يا ابنتي أن يقترب أحدنا من الآخر قالت له: إن من واجبنا يا أبي أن نحاول! ويهتف الأب وهو يغص بلوعته: أرأيت يا ابنتي أن الكلمة الوحيدة التي وجدتها هي كلمة (الواجب) وهي كلمة ينقصها السحر؟! وتجيبه الفتاة وهي تشرق بالدمع: آه لو أمكننا! ويهمس الأب من أعماقه: أن نتسامح، وأن ونتصافح! وأمام اللهفة الضارعة تقول له: تكفي لحظة حنان في حياتنا العدائية، وتذكر شيئاً، شيئا نستطيع أن ننسج عليه مودتنا، ثم محبتنا ثم سعادتنا تذكر عندما كنت طفلة ومرضت، ألا تذكر؟ فلنبحث عن شيء آخر يا أبي، شيء أكون قد قلته لك. . . . كلمة. . . . أو إشارة تسعفنا وتقرب أحدنا إلى الآخرّ ويصرخ الأب في يأس مرير: آه يا ابنتي، لا أكاد أجد شيئاً، لقد كنت بلا ريب طفلة لطيفة، ثم بنتاً جميلة، ولكنني لن أنظر إليك، لقد كرهتك منذ مولدك، أما الآن فلشد ما أحبك يا ابنتي!!. . . انظري أليس مثلنا كمثل كفيفين عمى منهما البصر وهما يتخبطان في الظلام مادين أيديهما ليلتقيا؟ هيا يا ابنتي إلى البيت، ولن نكون الأسرة الوحيدة على ظهر الأرض التي يعيش فيها أب وابنته جنباً إلى جنب بغير حب!
ترى هل ذهبت معه؟ كلا! إن الريشة المبدعة تريد أن تختم المسرحية الفذة ختاماً نفسياً لا نظير له. . إن الكاتب الفرنسي يريد أن يلقي على رجال الفن دروساً ترسم لهم الطريق؛ وها هوذا ينطق الفتاة بأعمق وأروع ما يمكن تنطقها به الحياة: (لن أذهب معك يا أبي لأنني أريد أن أحبك. . . يجب أن نتحاب يا أبي وقد أحبك لأنني أريد أن أحبك. . . يجب أن نتحاب يا أبي وقد أحبك إذا سافرت إلى أي مكان بعيد! إنني لا أستطيع أن أنطق أمامك بشعور الميل والانعطاف لأنك أمامي وحتى لو قلت لي أرني ما عندك فإني لم أتأثر به إذ أنك تقوله بذلك الصوت الذي طالما تثلجت منه أرافي وجرح فؤادي. . لا حيلة لي فيه فهو