الأصدقاء جميعاً غير الشكر، وإنه لشكر العاجز المقصر عن بلوغ ما يريد!. وهذه رسالة أخرى من (الإسكندرية) تحمل إلي أيضاً ما حملته الرسالة السابقة من عاطر الثناء، ولكن مرسلها الأديب الفاضل سعيد كامل غير راض عن الكلمة التي كتبتها منذ أسبوعين عن الريف، لأن قضية الريف كانت تنتظر مني تصويراً أصدق وأوفى واكثر إحاطة مما كتبت! إن ردي على الأديب الفاضل بعد خالص شكري له هو أنني ما أردت من وراء كلمتي عن الريف إلا أن أسجل حالة شعورية صادقة تركت أثرها في نفسي وحسي، وأعتقد أنني قد نقلت حديث الشعور إلى الورق نقلاً يمكن أن يحرك ذوي النفوس الشاعرة من أصحاب الأقلام وأصحاب السلطان أما الرسالة الثالثة فمن تاجر فاضل (بمحلة مرحوم) يهوى الأدب ويحب (الرسالة) وهو السيد حنفي الشريف. . . يسألني التاجر الأديب حلاً لمشكلة سببها له صديقي الأستاذ راجي الراعي في قطرات نداه حين قال:(أتعس الناس رجل ذو ذاكرة قوية يصرف الساعات الطوال من نهاره وليله في المطالعة ولا يرى فيه قوة لتعبير عما يشعر به، فتظل تلك الخلائق في رحامه لا تقوى على الخروج وتتراكم مع الزمن حتى يصاب بالاستسقاء الذهني وفي مساء يوم من أيامه ينفجر رازحاً تحت أثقاله ويسلم الروح منتحراً أو مجنوناً! إن النفس إذا غصت ساحتها بما فيها ولم تجد منفذاً أصيبت بالاختناق، فلا تصرفوا أوقاتكم في القراءة إذا كنتم لا تستطيعون أن تكتبوا. القلم فرجة الروح فاكتبوا كلما قرأتم لترتفع أشجاركم بدورها بين تلك الأشجار التي تتفيأونها في غابات الفكر والإحساس. افتحوا كوى أرواحكم بين الحين والحين لئلا يفسد هواؤها)!. . . إن مشكلة التاجر الأديب أنه مشغوف بالقراءة والاطلاع والاغتراف من منابع الأدب، ولكنه لا يملك القدرة على التعبير عما يجيش بنفسه من شتى لا خواطر والأحاسيس بما يرضي أديباً كبيراً كالأستاذ الراعي، فهل يترك القراءة والاطلاع لأنه لا يستطيع أن يعبر؟! هذا السؤال يوجهه إلي صاحب الرسالة، وأنا أترك الجواب للأستاذ راجي الراعي لأن الموضوع موضوعه وهو أحق مني بالجواب! وتبقى بعد ذلك الرسالة الرابعة وهي من (السودان) أيضاً إنها رسالة عزيزة علي لأن ما فيها من عتاب وطني حار قد لفح مني الشعور والوجدان! أود أن أقول لمرسلها الأديب الفاضل ج. البشير إنني سأفرد للموضوع الذي أثرته بكلماتك الملتهبة بصدق الوطنية والإيمان مكاناً خاصاً من (تعقيبات) العدد