مصر في البحر الأحمر فتعرضت سواكن وغيرها لحروبهم، واستمر هذا النزاع حتى العهد العثماني.
٧ - وفي عدد المجلة الجغرافية الأمريكية بواشنجتن، مقال تحدث فيه كاتبه عن أثر التوابل في اكتشاف طرق الملاحة وفي خدمة علم الجغرافية العالمية، ويفهم منه أن مصر بحكم سيطرتها على هذا الموقع الجغرافي، كانت تسيطر أيضاً على تجارة التوابل، وأن هذا الاحتكار للطرق المائية أدى في النهاية إلى اندفاع الدول البحرية نحو اكتشاف آفاق بعيدة وطرق مواصلات تقلل من أهمية هذا المركز الممتاز وتضعف من أثر هذا الاحتكار
وتنتهي هذه الاكتشافات العظيمة بأن تفقد مصر هذا المركز الذي يدر عليها الخير، وتهبط أهمية البندقية وجنوة وغيرها وتصبح ثغوراً من الدرجة الثانية بعد أن كانت دولاً مستقلة فيها مستودعات المتاجر ومراكز الثروات المالية.
٨ - وها نحن اليوم نواجه عهداً يذكرنا بتلك الأيام البعيدة: إننا نرى أمامنا تقدماً بعيد المدى وانقلاباً شاملاً في طرق المواصلات الجوية والبرية والبحرية التي تربط الأرض.
ونعيش في زمن مليء بالأحداث الكبرى والتطورات السريعة وأرى في الآفاق بنا قوات قد اتجهت إلى البناء والخلق والإنشاء وهي نعتقد أن عمل المعجزات ممكناً وأنه بوسعها إحياء الأموات من الأرض ونقل السكان وإجلائهم عن مواطنهم. ونشعر بأن الشرق الأوسط يتمخض عن تطور وتغيير شامل.
٩ - فمن ناحية المواصلات يتحدثون عن طرق القوافل القديمة التي كانت تخترق ويؤملون في إعادة تعبيدها حتى تستعمل لنقل البضائع، ويتحدثون عن العقبة وأثرها ومستقبل خليجها، ونسمع عن طرق حديدية توضع على الخرائط ثم تنفذ مشاريعها، ونرى أنابيب البترول تأتي من الأماكن البعيدة لتصب في أماكن معينة، ونسمع عن موانئ وثغور توسع وتفرض نفسها على هذا الجزء من شرقي المتوسط.
١٠ - وقد يبدو هذا لأول وهلة صعب التحقيق ولكن المطلع على ما كان عليه الشرق من عظمة وحضارة وغنى لا يعجب أن يسمع في القريب العاجل بعودة العمران إلى هذه المناطق، ويكفي أن نستعيد ما كانت عليه مدينة أنطاكية في العصور السالفة لنعرف شيئاً مما يخبئه المستقبل لثغر مثل حيفا يطل علينا.