البيوت من أبوابها، تسال حضرات المفتشين عن المراد من تعليم القواعد بالأساليب.، لأنني رائيتك تتكلم عن القواعد باعتبار ما كان. حتى انك قلت:(ولا تزال منهج اللغة العربة في المدار مثقلة بهذا النحو، وخاصة في المدارس الابتدائية. فالطفل في السنة الثانية مكلف ان يعرف الفاعل والمفعول به والمبتدأ والخبر ومطالب بتكوين جمل. . .).
وفاتك ان تعرف بان تلميذ السنة الثانية غير مكلف بمعرفة الفاعل والمفعول به ولا بمعرفة تكوين الجمل، فقد حذف النحو من منهجه، وصار يتعلم اللغة بالأساليب من غير استخلاص القواعد. والواقع ان اللغة العربية في أمر مريح وقلق شديد، فمنهاجها في تغيير دائم، فقد يغير المنهاج الدراسي في العام الواحد مرتين أو اكثر - كما حصل في هذا العام - وبجوارها اللغة الإنجليزية لا تغير منهاجها الا في فترات مختلفة متباعدة.
ومنهج اللغة العربية لو اطلعت عليه لوجدته عجيبا غريبا يدعو للسخرية والابتسام، فالمدرس مكلف - كما تعلم - ان يستخرج القواعد من الأمثلة أو بتعبير أدق من الأساليب، ولكن الكتب المقررة لا تفيد المطلوب، ولا المنهج نفسه يعين على الاستخراج والاستنباط.
فتلميذ المدارس الابتدائية حدد له منهج في اللغة العربية يبدا بمعرفة المبتدأ والخبر فكيف يستنبط المبتدأ ويعرف انه اسم وهو لم يعرف الاسم والفعل والحرف؟ ثم يطالبه المنهج بالمطابقة بين الخبر والمبتدأ وهو لم يعرف علامات الإعراب: الأصلية والفرعية ثم يطالبه بالإعراب والتلميذ قد حماه الله من المعرب والمبني، ثم يطالبه بالمطابقة بين الحال وصاحبها والصفة والموصوف، وهو لم يطالب بمعرفة النكرة والمعرفة، ليفرق بين الحال والصفة، إذ الحال ينبغي ان يكون صاحبها معرفة إلى غير ذلك من الأشياء المتناقضة المتعادية، فليس يكفي ان نقول استخلاص القواعد من الأساليب ونسكت، بل يجب ان يبين لنا الأستاذ العميد الطريقة فالأبواب المقررة على التلميذ معلقة بين السماء والأرض. لا تستند إلى شئ، ولا تقف على أساس.
وما تلك الأساليب أهي أساليب عصرية أم قديمة؟ فاللغة العصرية الموضوعة أمام التلميذ إمامفتعلة متكلمة وضعها الواضع للصغار وقد خلت من الرونق والبهاء وإمامختارة من شعراء وكتاب كشوقي وحافظ والمنفلوطي، ولغتهم أعلى من إدراكه، وإذا كانت الأساليب المشار إليها قديمة فتلك أدهى وأمر، فأنت أيها الأستاذ في حيرة معي، فالنحو في المدارس