للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تدرس كاتباً من كبار الكتاب المعاصرين وتتابع مؤلفاته وآراءه ثم تدرسها دراسة وافية فإنك ترتقي معه ذهنياً وتصل إلى مستواه وتقف على أساليب التفكير المنظم في جيلك. وبذلك تكتسب عصارة قلبه وفكره وتفكر مع إنسان يحسن التفكير ولكن لا يجب أن تنساق معه بدون تفكيرك الحر. حاول أن توسع دائرة اطلاعك واجعل ما أنتجه المفكرون أساساً لتكون لك رأياً على ضوئه. وبذلك قد تكتشف نقصاً تكمله في رسالة زميلك الكاتب فتعلو عليه في هذا الزاد العقلي وترقى بالإنتاج الثقافي.

فند آراء كبار الكتاب وحللها وقارن بين ما احتوت عليه مؤلفاتهم. ولا تكتفي بهذا، بل كرس جهودك في ناحية من نواحي الثقافة وأقتلها بحثاً وتمحيصاً وتتبع جميع ما يكتب عنها في اللغات التي تعرفها. ولكن مع هذا لابد أن تعرف أشياء كثيرة دون أن تتعمق فيها.

القراءة للاستلهام والابتكار والاختراع:

هذه هي أرقى أنواع القراءة التي تعمل عملها العظيم في حياة الفرد والمجتمع وتدفع الأمة نحو حضارة أرقى بما يدفع هذه القراءة البارعة من التفوق العلمي والأدبي والروحي.

ويقبل على هذه القراءة أصحاب العقول الممتازة الذين يرون مع الفيلسوف العالم (إسحاق نيوتن): (إن الناس مع كل ما بلغوه من المعرفة وتوصلوا إليه من الاكتشافات، ليسوا إلا أولاداً صغاراً يلتقطون الأصداف والأعشاب التي ينبذها ويقذف بها بحر الحقائق وخضم المجهولات من حين إلى آخر).

ويؤسفنا أن المضمار العلمي عندما يخلو من مثل هذا القارئ العبقري ونسأل أنفسنا ما الذي جعل الاختراع والاستنباط والتفوق العلمي وقفاً على أبناء العرب! ليس السبب في عقولهم أو ذكائهم ولكن لأنهم عرفوا لذة القراءة وانغمسوا فيها وجعلوا شعارهم (اقرأ وفكر وأعمل) فمكنهم ما اكتسبوه من محصول من فهم العالم الذي حولهم وضبطه والكشف عن قوى الطبيعة المجهولة وإخضاعها لفائدة البشر. وهؤلاء القراء البارعون هم حملة المشاعل في الأمم النواهض واجبهم ملائمة التطور والعون على التقدم والسبق.

والقارئ العبقري يقرأ ويهضم ويفكر ويجرب ليستخلص شيئاً جديداً يضيفه إلى تراثنا وحضارتنا ويعمل على تغيير حياتنا وتكييفها. وكلما أكثر من هذه القراءة المركزة المنظمة كلما وجد نفسه يقترب من هدفه فيزداد تفكيراً. وأثناء حرارة التفكير والانغماس فيه بعقله

<<  <  ج:
ص:  >  >>