ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر؟
وقال الأعشى:
وُجدت إذا أصلحوا خيرَهم ... وزندك أثقب أزنادها
يرى البصريون أن هذه الجموع ونحوها مما شذ عن القياس فهي من النادر الذي لا يجوز القياس عليه. فأبحاث ونحوه جمع خطأ؛ لأن العرب لم تنطق به بذاته.
ويرى الكوفيون احترام المسموع ولو كان قليلاً. فأبحاث ونحوه عندهم جمع صحيح لا غبار عليه؛ لأن العرب نطقوا بنوعه وإن كان قليلاً.
وبعد فلعل هذا الرأي هو المصدر الذي استقى منه أقرب الموارد ما أورده. وأكبر الظن أنه ليس له مصدر سوى هذا
أما ترجيح أحد الرأيين على الآخر فالذي أميل إليه في هذا النزاع بذاته رأي الكوفيين؛ إذ قد ورد في اللغة الفصحى مع ما ذكرت أولا: أفراد وآلاف وآراء. وفي هذا قلب مكاني وأنجاد وأنهار وأنحاء. وكثر هذا الجمع في واوي الفاء ومضعف اللام. مثل: أوقاف وأوقات وأوصاف وأوكار وأوعار وأوغاد؛ وبمثل: أجداد وأعمال وأبرار وأفذاذ. وربما كان في اللغة وغيرها. وهي طائفة صالحة للقياس عليها. وهذا يدل على أن العرب طردوا هذا الوزن (أفعال) في جميع أوزان الاسم الثلاثي المجرد العشرة بلا قيد ولا شرط. نعم إنهم لم يكثروا منه في جمع المفرد المفتوح الفاء الساكن العين الصحيحها. ولكن هذا لا يمنع من القياس على ما سمع منه كما ذهب إليه نحاة الكوفة. وبهذا ظهر أن قول الأستاذ رياض:(وهو خطأ لا يجيزه قياس) إن أراد قياس البصريين فمسلم، وإن أراد قياس الكوفيين فلا. كما عرفت، وأن مصدر (أقرب الموارد) اللغوي هو الاعتماد على هذا القياس، لأن كتب اللغة في الغالب لا تذكر الجموع القياسية اتكالا على معرفة القواعد. فهذا جواب السائل المفضال. (وفوق كل ذي علم عليم).