أهل البادية دون سواهم قالوا:(أعرابياً) أو (بدوياً). وهذا نص يورده الأستاذ يؤيدني على ذلك، وهو قوله:(وأننا نجد في المثل السائر. . لابن الأثير. . ما يلي: (فإن قيل إن ذلك البدوي كان له طبعاً وخليقة. . . فالجواب على ذلك أني أقول: إن سلمت إليك أن الشعر والخطابة كانا للعرب بالطبع والفطرة فماذا نقول فيمن جاء بعدهم من مشاعر وخطيب.
أرأيت كيف يقفك عند قوله: (البدري) حين أراده قبل أن يهجر باديته، ثم يطلقها بعد ذلك حين لا يريد مثل هذا التحديد؟!
وليت شعري كيف يرتضي الأستاذ الحصري أن (يحصر) مثل العدد الوافر من كرام المؤرخين، وأن (يحصر) نفسه أيضاً في حدود هذه الدائرة الضيقة حين يؤكد أنهم أرادوا جميعاً بقولهم (العرب) أهل البادية فقط؟! وبماذا سموا إذن - الله أبوهم - أهل الحواضر من عرب الشام والحجاز ومصر والعراق والمغرب والأندلس؟! هل قالوا حاضري أم حضري أم كيف؟! لقد توقعت أن أجد للأستاذ قولا مثل هذا، فكنت أجد منه مولجاً للاعتراض، ولكنه لم يفعل بل ترك الأمر غامضاً ملتبسا! وأن الأستاذ الحصري بعد ذلك يتحدث عن ابن خلدون بما يؤكد (ما ذهبت إليه) غاية التأكيد. وذلك حين يقول:(لم يستعمل ابن خلدون في المقدمة كلمة (الأعراب) و (الأعراب)، إلا قليلا جداً. فإنه قد استعمل كلمة (العرب) أو (العربي) في نحو (٣٣٠) موضعاً، في حين أنه لم يستعمل كلمة (الأعراب والأعرابي) إلا في بضعة مواضع. . .)
هو ذاك! لأن الرجل أراد أن يسير على نهج زمانه، وهو منهج كلُّ زمان من أزمان العربية، لذلك يطلق كلمته العرب على كلُّ عربي من غير ما تخصيص، ويخص أهل البادية - حين يريد أن يميزهم عن سواهم - بقوله:(الأعراب). وهذا القرآن الكريم - وكان وما يزال (قراناً عربياً غير ذي عوج) - وقف عند هذا التحديد بعينه، وسار الناس بعد ذلك على منهاجه.
و (أرى) أبن خلدون ما تجاوز ذلك إلى سواه. .
ويأخذ الأستاذ الحصري بعد هذا ي اقتباس الشواهد من المقدمة، للتدليل على ما ذهب إليه، فيقول:(لنبدأ من الفصل الذي يتضمن أقسى الأحكام وأعنف الحملات على (العرب). فلنلاحظ الفصل الذي يقول فيه ابن خلدون: (أن العرب إذا ما تغلبوا على أوطان أسرع