والذي أقوله: إن كلام ابن خلدون لا يدع مجالا للشك فيما يقصد. ويوضح لنا كلمات تلي (ما استشهد به الأستاذ الحصري) ما يقصده من الكلمتين (العرب والحضر). وهأنذا أورد قوله ليتضح وجه الصواب:(والحضر لذلك العهد هم العجم أو من هم في معناهم من الموالي الذين هم يومئذ تبع للعجم في الحضارة وأحوالها من الصنائع والحرف).
أرأيت كيف كان يقصد بقوله (الحضر) غير العرب، وأن العرب لديه هم العرب سواء سكنوا البادية أم الحاضرة؟!
ولما كان المقام لا يتسع لمناقشة جميع الشواهد التي أوردها الأستاذ الحصري من كلام ابن خلدون، لذلك أكتفي بهذا المقدار الذي أوردته منها، ملمحاً إلى أن جميع ما جاء في هذا الصدد لا يعدو ما ذكرته في مكانته من الحقيقة. وحسبك - في كشف الغطاء عنه - أن تواصل قراءة تلك النصوص في المقدمة عينها لينطق لك ذلك الكلام (المبتور) بأن ابن خلدون إنما عني بقوله (العرب)، العرب الذين يعرفهم الناس منذ خلق الله العرب في الناس!
وأما الكاتب الفرنسي الذي أشرت إليه في بداية هذه الكلمة وقلت إن الأستاذ الحصري استشهد به، فهو الأستاذ (العرباني) البارون (دوسلان)، وقد ترجم مقدمة ابن خلدون إلى الفرنسية قبل ثمانين عاماً، وقال فيها عن مدلول كلمته العرب عند ابن خلدون عند ابن خلدون ما يلي:
وترجمة ذلك:(أن عرب ابن خلدون هم الأعراب. .). كما أن الكاتب التركي الذي أشار إليه الأستاذ الحصري هو المؤرخ (جودت باشا). وقد ترجم كلمة عرب - كما يقول الأستاذ في (دراساته) اعتماداً على ما فهم من كلام ابن خلدون، فأثبتها:(في مواضع كثيرة على شكل (قبائل عرب). .).
ومن هنا (أكاد) أجزم بأن الأستاذ الحصري إنما جاءنا بهذا الرأي الجديد نقلاً عن هذين الكاتبين. وإنني لا أجد تعليلاً (لوهمهما) هذا إلا أنهما أبصرا في بعض المواضع اقتران كلمة العرب بالإبل والخيام فحسبما أن عرب ابن خلدون ليسوا سوى أهل البادية من الأعراب. غير أن الحقيقة التي لا تغيب عن باحث هي أن ابن خلدون لم يكن يدقق في