للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يكن يظفر إلا بابتسامة عذبة تحمل إليه كثيراً من المعاني. . . ولوسيان من هو؟ جمال تحلم به كلُّ فاتنة، ووزير الداخلية، وأخو القنصل الأول والحاكم بأمره! وعلى كثرة الوجوه الفاتنة التي كانت تزخر بها حجرات القصر وردهاته، فإن نظرات بونابرت النفاذة لم تستقر إلا على وجه مدام ريكامييه، وحين مرت بغيره، راح يسأل الجنرال برنادوت عن هذا الجمال الذي لم يحفل بنظرات القنصل الأول:

- برنادوت. . . أتعرف هذه الفاتنة؟

- أية فاتنة يا مولاي؟!

- تلك التي تتحدث إلى أخي لوسيان. . .

- أتعني مدام ريكاميية يا صاحب الجلالة؟!

وهتف بونابرت في صوت حالم: مدام ريكامييه. . . يالها من امرأة. . .!

وغادر المكان وفي رأسه ثورة تحتدم. . . لقد قرر أن ينالها مهما يكن، وأن يكن الثمن، وأن يخوضها معركة حامية. . . ضد امرأة!

ويا لها من معركة كانت أسلحتها من أهداب وجفون. . . معركة لم يكن يقدر لها أن تطول، وأن تنتهي بهزيمة! لقد جرب القائد الشجاع كلُّ سلاح، واستنفذ كلُّ خطة، وحارب في كلُّ ميدان، وحين باء بالخذلان راح يصب نقمتة على الجمال الغادر. . . وابتدأت حياة العذاب، تلفح بنارها الوجه المشرق، والثغر الباسم، والعينين الساحرتين. . . وعلى مر السنين، وتحت وطأة الشجن، ذبل السباب النصر، وسكت الصوت العذب إلا من أنات!

لقد بدأ النضال بين بونابرت ومدام ريكامييه في ذلك اليوم الذي قبض فيه على أبيها، أعنى زوج أمها ليحاكم في اليوم التالي بتهمة الخيانة العظمى. . . كان الرجل مديراً عاماً للبريد، وكان من الذين يدينون بالولاء للنظام الملكي، فاشترك في إيصال بعض المكاتبات للحزب الملكي الذي كان يعمل في الخفاء ضد الحكم القنصلي. . . لقد خارت قواها في ذلك اليوم من هول الصدمة، ومضت تنشد العون عند كلُّ صديق، لتبعد شبح المقصلة عن الرجل الذي كانت تظنه أباها. ويتوسط لها الجنرال برنادوت، ويصحبها إلى قصر التويلري لمقابلة القنصل الأول، وكانت هذه هي المرة الثانية التي يرى فيها بونابرت مدام ريكامييه. . . وخضع الجبار لسطوة الجمال القاهر، فأمر بحفظ الدعوى والإفراج عن الرجل! وخيل

<<  <  ج:
ص:  >  >>