من كل من سبقني في بيت المقدس. وجمعت كذلك الذهب والفضة ونوادر الكنوز من مختلف الملوك والأقاليم. وظفرت بالمغنين والمغنيات، وبكل ما يلهو به ابن آدم، كآلات الموسيقى وما إليها. وهكذا كنت عظيما، وتوفر لي ما لم يتوفر لكل من سبقني ببيت المقدس. وبقيت حكمتي معي كذلك، ولم أحرم عيني من كل ما اشتهتا، ولم أبعد قلبي عن أي لون من ألوان السرور. . . ثم نظرت إلى كل عمل عملته يداي، والى الجهد الذي بذلت. . . فرأيت أن الكل باطل يبعث على حنق النفوس، وليس من ورائه جدوى تحت الشمس. وهناك حدث واحد يقع للطيبين كما يقع للأشرار ولمحبي الخير ومحبي الشر، وللطاهر والدنس، ولمن يضحى ومن لا يضحى، والطيب كالخبيث، ومن يقسم بالباطل ومن يخشى القسم. إنه شر يتخلل كل ما يقع تحت الشمس، وكل شيء يتعرض لحدث واحد. نعم إن قلوب بني الإنسان كذلك مليئة بالشر، والجنة في قلوبهم ما داموا أحياء، وبعد ذلك يذهبون إلى الموتى).
شوبنهور وسقراط
لندع أسطورة بوذا وموعظة سليمان فهما من الحكمة الشعبية الصامتة، لنتأمل قليلا رأى كل من سقراط وشوبنهور الفيلسوفين بقول سقراط وهو يتأهب للموت:(إننا نقترب من الحقيقة كلما أشرفنا على مفارقة الحياة؛ إذ ما الذي نجاهد في سبيله نحن محبي الحقيقة؟ أننا نجاهد في تحرر أنفسنا من الجسد! ولما كان الأمر كذلك، فلماذا إذن لا نفرح حينما يأتي إلينا الموت؟ إن الرجل الحكيم يبحث عن الموت طوال حياته، ولذا فالموت لا يفزعه).
ويقول شوبنهور:(إذا ما أدركنا أن طبيعة العالم الخفية ليست سوى (الإدارة)، وأن كل مظاهر الطبيعة - من الحركة اللاشعورية لقوى الطبيعة الغامضة إلى عمل الإنسان الكامل الوعي - إن هي إلا مظاهر لهذه الإرادة، لم يعد لنا ما يبرر التخلص من هذه النتائج: وذلك أنا إن نبذنا الإرادة وتخلينا عنها طائعين، ألفينا كذلك كل تلك المظاهر - ذلك التيار الدافق والجهد الذي لا يكل ولا يهدا في كل مرحلة من مراحل المظاهر الطبيعية التي منها وعن طريقها يتألف العالم؛ وتلك الصور المتعددة التي تتلو إحداها الأخرى في تدرجها، وستختفي مع هذه الصور كل دلائل الإرادة، وستختفي كذلك في النهاية الصور العالمية لتلك الدلائل - الزمان والمكان، والصور النهائية الأساسية، أي أن كل ما ذاتي وكل ما هو موضوعي