للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يدعي انه خبير بالحياة (أنت غر قليل التجربة) ثم خطر ببالي خاطر فجائي فقلت لها:

- أيتها الآنسة: إذا كانت مرافقتي لك حتى البيت وإعطائي الإيضاحات اللازمة لوالدك يفيدانك شيئا فاسمحي لي أن أرافقك حتى منزلك. فرددت قليلا ثم فكرت مليا وقالت - واكثر ظنها أن ذهابي معها سيخلصها من تحقير أبيها ويقلل من حدته -: - نعم يا سيدي اقبل لطفك هذا.

ثم أضافت إلى جملتها هذه قائلة:

- لقد اثر البرد في جسمك فهل لك في قدح من الشاي أقدمه إليك إذا انتهينا إلى البيت؟

ارتفعت الكلفة بيننا وأصبحنا صديقين. كنا في ذلك الحين نتجه نحو (غلطه قوله سي) فقالت:

أتراني لو لم تكن معي كنت اجسر على المرور وحدي من هذه الاماكن؟ ثم وقفت فجأة أمام دار كبيرة وقالت (هنا)

دخلنا إلى صحن الدار المفروش بأحجار المرمر ثم أخذنا نصعد الدرج الحلزوني، لا ادري كم صعدنا، ولكني شعرت بدوار في رأسي وضعفت رجلاي عن حملي لأننا كلما انتهينا من طابق وقفنا قليلا نستعيد قوانا للصعود إلى الطابق الذي فوقه. وقفت أخيرا وأنا أتتنفس بقوة، فقالت ضاحكة: لم يبقى درج نصعده!

فدخلنا في دهليز صغير فيه ضوء ضئيل ووقفنا أمام باب، فنظرت إلى وجهي ولم تجسر أن تطرق الباب فطرقته بظهر يدي فلم يجبني أحد؛ طرقته مرة ثانية فسمعت صوتا يشبه صوت حيوان وحشي، ثم سمعت وقع أقدام تخطو رويدا رويدا خطوات غير منتظمة، وشعرت باقتراب أنفاسه منا، وأخيراً فتح لنا الباب وعاد من غير أن ينظر إلى ما ورائه وفي قلبه من الغضب والسخط عواطف يخشى بأسها.

دخلنا في ممر ضيق ووقفنا أمام غرفتين متقابلتين إحداهما مفتوحة فدخلناها وعلمنا أن الرجل لم يتبين أننا شخصان إلا بعد دخولنا غرفته، فنظر إلي متحيرا بعينيه المحمرتين من تأثير الكحول فقلت له: إن ابنتك اليوم قد وقعت في خطأ.

كان عند كل كلمة القيها عليه في شرح موقف الفتاة وحالها ترتسم على وجهه المغطى بسحابه من البلاهة منشأها ذلك الإدمان ابتسامة خفيفة وترتخي أعصابه وتنحل

<<  <  ج:
ص:  >  >>