للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع أنه يستطيع مواصلة القراءة الصامتة ساعات متوالية.

القراءة الصامتة:

القراءة الصامتة قراءة بصرية دون نطق، تتعطل فيها وظيفة الأوتار الصوتية والشفاه، ومداها البصر والتركيز الذهني. وهي قراءة سريعة لأننا لا نتقيد فيها إلا بالسرعة التي يعي بها العقل معنى ما نقرأه. وقد دلت تجارب الدكتور استارك على أن سرعة القراءة الصامتة للطفل الذي في الثامنة من عمره كلمة أو كلمتان في الثانية، أو ١٢٦ كلمة في الدقيقة، أي أنه يكون أسرع من الشخص الكبير الذي يقرأ قراءة منطوقة. والطفل الذي في الثالثة عشرة من عمره يقرأ قراءة صامتة بمعدل أربع كلمات في الثانية أي ٢٤٠ كلمة في الدقيقة.

والقراءة الصامتة أكبر معين على فهم العبارات التي تقرأ والإلمام السريع بما تنطوي عليه من الآراء، لأنه فيها ينطوي الإنسان على نفسه ويتجرد من عالمه الخارجي، ويكون مخه مصدر النشاط لا يشغله سماع اللفظ ورنين الصوت ومحاولة ضبط الكلمات بالشكل، بل ويشعر بحماسة ولذة لأن ما يقرأه يملأ عقله وشعوره وحسه.

والقارئ الصامت يقتنص المعاني من أطراف الألفاظ ويلتقطها من خلال السطور ويقفز ببصره قفزاً فوق حروف الجر والعطف. . . والأفكار السهلة المعروفة لديه من قبل. وهو لا يرى الكلمات مركبة من حروف بل يراها صوراً يعرفها من مظهرها العام. وهو أثناء القراءة لا يحمل الكلمات إلى مخه بل يمر عليها بنظره فيقفز معناها إلى عقله. وتتوقف سرعة استيعاب معاني الألفاظ على مبلغ تمكن الشخص من لغته ومن الموضوع الذي يقرأه. وهو عندما يقرأ الجمل تتحول بسرعة إلى صور في عقله. فمثلاً عندما يقرأ هذه الجملة (أسرع الأسد خلف الرجل فأدركه وألقى به على الأرض وأخذ يمزقه بأنيابه ومخالبه) يراها بعين عقله صوراً لا ألفاظاً؛ يرى ثلاث صور متلاحقة تمر مروراً خاطفاً في مخيلته؛ يرى صورة الأسد يعد مسرعاً وراء الرجل، ثم الأسد يلقي بالرجل على الأرض، ثم الأسد وقد جثم فوق الرجل يمزقه بأنيابه ومخالبه.

وعندما يجول القارئ الصامت بين بدائع الفن وآيات الأدب وحقائق العلم تنتقل نفسه لحظات إلى ما وراء عالم الحس وينكب على الفكرة إنكباب العالم في معلمه على أدواته

<<  <  ج:
ص:  >  >>