للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي يجب أن تقرأ كاملة. هناك الأفق الذي رحب، وهناك القلب الذي وجب، وهناك رفات الجناح المحلق في سماء جديدة، وكل تلك القيم يجنى عليها التلخيص العابر والعرض السريع!

يا صديقي، حسبك هذه الكلمات رأياً فيك وفي قصتك. . . ويشهد الله أنها كلمات تمليها نزاهة النقد لا عاطفة الصداقة!!

مسرحية (الملك أوديب) بين الكتاب والمسرح:

. . . . . . . . .

قرأت تعقيبك حول الملاحظات التي توجهت بها إليك على صفحات (الرسالة) عن كتاب (الملك أوديب) لتوفيق الحكيم. وقد أعجبني منطقك حقاً، وأشهد أنه كان في منتهى الروعة والدقة، وإذا كان هناك أي خلاف بيني وبينك حول بعض النقاط، فأحسب أنه يقتصر على التفاصيل والجزيئات فحسب. وقبل أن توصد باب الحديث في هذا الموضوع وددت أن أحتكم إليك في مسألة جديدة هامة حول مسرحية أوديب. فقد لفت نظري في مسرحية (أوديب ملكا) لسوفوكليس أمر هام، إذ لاحظت أنه في الموضع الذي تخنق فيه الملكة جوكاستا نفسها ويطعن أوديب عينيه، لا يصور المؤلف المشهد مباشرة ولا ينقلنا إلى المكان الذي حدثت فيه الفاجعة، وإنما يسرد لنا خبرها وتفاصيلها على لسان خادم. وقد اتبع أندريه جيد النفس الطريقة في معالجة المشهد المذكور وكذلك فعل توفيق الحكيم. ومعنى هذا أنه لو مثلت هذه المسرحية على المسرح فإن المتفرج لن يرى الملكة جوكاستا معلقة من رقبتها بالحبل وان يرى أوديب يفقأ عينيه بالمشابك الذهبية، وإنما يرى أمامه شخصاً واحداً استبد به الجزع فوقف يسرد تفاصيل الفاجعة. وأحسب أن هذه الخطوة تخل بالمأساة إلى حد بعيد، وتغض من قيمتها بدرجة محسوسة، لأن ثمة فرقاً كبيراً بين عرض المشهد مباشرة على المتفرج وبين تصويره له عن طريق الرواية والسرد. وهذا الفرق يتعاظم دون شك إذا كان المشهد المقصود من أدق وأبرز مشاهد المسرحية كما هي الحال في مسرحية أوديب.

لهذا فقد شككت كثيراً في أن يكون جان كوكتو قد انتهج في معالجته لهذا المشهد في (الآلة الجهنمية) نفس المسلك الذي انتهجه أقرانه المشار إليهم فيما سلف من كلام. ومبعث الشك

<<  <  ج:
ص:  >  >>