هو كون جان كوكتو فناناً مسرحياً خبر المسرح عن قرب ودرس مطاليبه ومطاليب رواده وألم من قريب بكل ما من شأنه أن يهيئ للمسرحية النجاح أو يكتب لها الإخفاق. وبدافع هذا الشعور تحققت حاجتي إلى قراءة كتاب كوكتو عن أوديب، ولكن الظروف لم تهيئ لي ذلك، ولم تيسر لي الحصول على نسخة من الكتاب في لغته الأصلية. ولذا فقد جئت أسألك عن هذه النقطة آملاً أن تغنيني إجابتك عن قراءة النص. وأرجو ألا تحرمنا بعد ذلك من تعقيبك حول هذه الملاحظة، فيما إذا كنت تقرني على رأيي أو تخالفني فيه.
ولك جزيل شكري وخالص امتناني وفائق مودتي وتقيري.
(بغداد)
فؤاد الونداوي
ليسانسيه في الحقوق
مرة أخرى يؤسفني أن أختلف مع الصديق العراقي الفاضل في هذه الملاحظة التي أبداها وفي ذلك الرأي الذي نادى به. . . إن هؤلاء الكتاب المسرحيين الذين أشار إليهم قد نظروا إلى طبيعة المسرح وإمكانياته المادية، حين خطر لهم ألا يعرضوا على النظارة ذلك المشهد يرى الأستاذ الونداوي في إغفال عرضه إخلالاً بالمأساة وغضا من قيمتها التمثيلية! الواقع أنه لا إخلال هناك ولا إفساد، ما دام سير الحوادث في المسرحية قد هيأ أذهان النظارة لوقوع الفاجعة وتلقى خبرها على لسان شخص من الشخوص. . . ثم إن هناك لوناً من الاستحالة المادية في إظهار الملكة جوكاست على المسرح وهي معلقة من رقبتها بحبل وكذلك الملك أوديب وقد طعن عينيه بالمشابك الذهبية، ذلك لأننا إذا أقدمنا على إخراج هذا المشهد كما يريد له الأستاذ الونداوي أن يكون، لا تقلب الأمر من عالم التمثيل إلى عالم الواقع، ولتحول من دنيا الخيال إلى دنيا الحقيقة. . أي أننا لو فرضنا على إحدى الممثلات أن تقوم بدور الملكة جوكاست ووضعنا الحبل حول عنقها ثم تركناها تتأرجح على المسرح، فمعنى هذا أن الانتحار الذي نريده تمثيلاً يصبح آخر الأمر وهو حقيقة ماثلة!.
هذه الاستحالة المادية في إبراز مشهد الانتحار بالنسبة إلى الملكة جوكاست تتكرر مرة أخرى بالنسبة إلى الملك أوديب. . . إن أي مخرج مسرحي لا يستطيع أبداً أن يعرض