ولست أدري كيف يكون (فاضلا) من ينقل أبياتاً لشاعر يقول فيها (بلوت النبيذيين ومواعيدهم ريح قطعوا بها برد الشتاء وقاظوا) ثم لا يدرك (أن الكلام عن جماعة لا عن فرد) كما يقول الناقد ونضرب صفحاً عن هذا اللغو ونأخذ في مناقشة كلامه فإن ذلك أخلق بنا وأحجى.
يزعم الناقد المدرك أن الصواب (يرعوا) من الروع بمعنى الفزع ولو كان يعرف أن يراعوا فعل مضارع، وأن كل مضارع اتصلت به واو الجماعة يرفع بثبوت النون وينصب ويجزم بحذفها لما قال إن الصواب (يراعوا) ولساءل نفسه: أين النون؟ ولم ذهبت؟ ويزعم الناقد صاحب المدارك الثاقبة (أن يراعا بمعنى جبان لا تصدق على الجماعة إذ تأتي للمفرد فقط!! وهذا زعم لا حقيقة له لم يقله أحد من علماء العربية، ولكن الناقد افتراه وأوهم القارئ أنه اعتمد في نفيه على الأساس حيث يقول: (قال في الأساس ومن المجاز قولهم للجبان الذي لا قلب له هو يراعة ويراع). وأنا أنقل للقارئ نص كلام الزمخشري في الأساس ليعلم كيف داس الناقد في نقله وكيف فهم منه ما افتراه. قال الزمخشري في ص٥٦١ (وقع الحريق في اليراع: في القصب، قال المسيب ابن عيسى:
ومهما يرف كأنه إن ذقته ... عانيَّة شُجَّت بماء يراع
أراد قصب السكر. ونفح الراعي في اليراعة، وكتب الكاتب باليراعة، قال:
أحنّ إلى ليلى وقد شطت النوى ... باليلى كما حن اليراع المثقَّبُ
أي المزامير. وغشى اليراع الوجوه. وهو شبه البعوض. ومن المجاز قولهم للجبان الخ).
وهذا النص صريح في أن اليراع: هو القصب، وأن اليراع المثقب المراد به المزامير، وأن واحدة هذا كله يراعة.
ولست أدري كيف قرأ الأستاذ هذا الكلام ولا كيف طواه لئلا يناقض دعواه، ولكن الذي أدريه أن الأستاذ لم يفهم كلامي ولم يفطن إلى معنى النص الذي نقلته عن اللسان، وكان فيه الغناء لو تدبره. لقد قلت إن الصواب (يراع) ونقلت ما في اللسان من أن اليراع: القصب واحدته يراعة، واليراعة واليراع الجبان الذي لا عقل له ولا رأى، مشتق من القصب).
ولكن الناقد المدرك لم يفطن إلى أن هذا النص صريح في أن