الأداء النفسي أكثر لمعاناً منها في شعر الآخرين!. . .
ولقد قدمت إلى القراء نقداً تحليلياً لمشكلة الأداء النفسي في الشعر، ويبقى أن أقدم إليهم نموذجاً كاملاً لهذا الأداء، حتى تتكشف لهم جوانب ذلك النقد على ضوء هذا المثال، وهو قصيدة للشاعر إليا أبو ماضي، وقعت عليها دون أن أعمد إلى شيء من الاختيار. . . عنوان القصيدة (وطني)، وبناؤها هذه الأبيات:
وطن النجوم. . . أنا هنا حدِّق. . . أتذكر من أنا؟
ألمحت في الماضي البعيد فتى غريراً أرعنا
جذلان يمرح في حقولك كالنسيم مدندنا
المقتنى المملوك ملعبه وغير المقتنى
يتسلق الأشجار لا ضجراً يحس ولا ونى
ويعود بالأغصان يبريها سيوفاً أو قنا
ويخوض في وحل الشتاء مهللا متيمنا
لا يتقي شر العيون ولا يخاف الألسنا
ولكم تشيطن كي يدور القول عنه: تشيطنا!
أنا ذلك الولد الذي دنياه كانت هاهنا
أنا في مياهك قطرة فاضت جداول من منى
أنا من ترابك ذرة ماجت مواكب من منى
أنا من طيورك بلبل غنى بمجدك فاغتنى
حمل الطلاقة والبشاشة من ربوعك للدنى
كم عانقت روحي رباك وصفقت في المنحنى
للبحر ينشره بنوك حضارة وتمدنا
لليل فيك مصلياً. . . للصبح فيك مؤذنا
للشمس تبطئ في وداع ذراك كيلا تحزنا
للبدر في نيسان يكحل بالضياء الأعينا
فيذوب في حدق المهى سحراً لطيفاً لينا