والظاهر أن العلاقات بين أمراء الغرب ومصر أقدم من ابتداء الدولة التركية بل كانت متأثرة دائماً بملك مصر بدليل أنه لما وقعت النفرة بين الملك محمود نور الدين زنكي ملك الشام والملك صلاح الدين يوسف الأيوبي ملك مصر كان هؤلاء الأمراء يوالون صلاح الدين وكانوا يعضدونه على محاربة الإفرنج وكان ملك مصر يجعلهم أمام عساكره.
وقد أبلى الأمراء كما رأينا في حروب قطز وبيبرس ثم في أيام قلاوون في معركة حمص حين اشترك من جنودهم تحت قيادة الأمير قرقماز ما مقداره أربعة آلاف مقاتل هذا خلاف ما قاموا به في صد هجمات التتار أيام الناصر محمد بن قلاوون ولعل هنالك فترة غامضة في تاريخ لبنان هي فترة الخمس سنوات التي أخلى فيها وادي التيم فلم تبق فيه غير حاصبياً مسكونة: ذلك حينما تقدم التتار في زحفهم أيام الملك الناصر فاضطر الأمراء إلى التراجع أمامهم: لهذا أرجح أن المشاكل التي جاءت بعد حملات الأشرف خليل تحت قيادة بيدار أي حملات الناصر محمد تحت قيادة جمال الدين أقوش الأفرم كانت نتيجة للتقلقل والفوضى التي سادت الجزء الجنوبي من لبنان في تلك الفترة من الزمن: أي بين ٦٩٨ و ٧٠٥ هجرية.
ويقول المطران الدبس في الجزء السادس من كتابه (أما من هم الذين سماهم صالح بن يحيى الجرديين وسماهم الدويهي الجبليين فلا شك أنهم غير الكسروانيين ونرى أنهم سكان العمل المسمى إلى الآن الجرد ومن قراه رشيما وشارون وبتاتر ويحمدون وإنهم كانوا دروزا)
ويؤكد خروجهم عن طاعة الأمراء التنوخيين وإنهم كانوا يسطون على بلادهم وإن نذير جمال الدين أقوش أمرهم أن يصلحوا شؤونهم مع الأمراء ومع قلة المصادر أو صمت المراجع فالدلائل المنطقية تجزم بأن هؤلاء هم الذين انتهزوا فرصة إخلاء أراضي التيم من أهلها فاعتدوا على بعض أملاك الأمراء وهم الذين انسحبوا بعد ذلك إلى مقاطعة كسروان ويظهر أن الجرديين كانوا دروزا والكسروانيين كانوا موازنة فتخلفا أمام زحف المصريين: وهرب الدروز بعد أن دارت عليهم الدائرة في معركة عين صوفر إلى غربي كسروان أي إلى نيبية وانطلياس التي كانت حينئذ من كسروان وكان نهر الجعماني الفاصل