لأنه كما قلنا ينظر إليها نظرة خاصة تجعل منها أداة تأخر ورجعية، ولو استخدم الأستاذ منطق (لن يوتانج) لأدرك أن الواقعية هي سر هذا التوفيق الذي لازم الأمة البريطانية في تاريخها الطويل، ومن هنا استقام منطق الكاتب الصيني حين منح الإنجليز ثلاث درجات في هذا المجال
أما في مجال الفكاهة والحساسية، فقد بلغ الأستاذ أحمد أمين فيه التوفيق، وقد وقع في شيء من التناقض حين قال:(أما روح الفكاهة فهي نامية عند المصريين، وقد خففت عنهم كثيراً من متاعبهم، بل وقد تكون حفظت عليهم وجودهم، فما تحملوه من ضغط آلاف السنين كان يكفي للقضاء عليهم ولولا روح الفكاهة، فأنا أقدر روحهم الفكاهية بثلاث درجات على الأقل. . . ثم إن المصريين كالفرنسيين ينالون ثلاث درجات في الحساسية، فهم سريعو الغضب سريعو الانفعال في شدة، وقد يلاحظ عليهم أنهم ينفعلون لدواعي الحزن أكثر مما ينفعلون لدواعي السرور)!. . . إن التوفيق هنا مرجعه إلى تقرير الواقع في كثير من الدقة بالنسبة إلى الفكاهة في حياة المصريين، ولكن التناقض يظهر عندما يقال إن المصريين ينفعلون لدواعي الحزن أكثر مما ينفعلون لدواعي السرور. كيف نوفق بين قول يسجل الغلبة لعنصر الفكاهة والمرح وقول يسجل هذه الغلبة نفسها لروح الحزن والاكتئاب؟
ويمضي (لن يوتانج) في تطبيق نظريته على الكتاب والشعراء، ثم ينتهي آخر الأمر إلى تقدير بعض الشعراء بهذه المقاييس:
شكسبير: واقعية ٤ مثالية ٤ فكاهة ٣ حساسية ٤
هايني: واقعية ٣ مثالية ٣ فكاهة ٤ حساسية ٣
شلي: واقعية ١ مثالية ٤ فكاهة ١ حساسية ٣
ويسلك الأستاذ أحمد أمين بك طريق الكاتب الصيني ليصل إلى حقيقة تلك العناصر عند المتنبي وابن الرومي فيمنحهما هذه الدرجات:
المتنبي: واقعية ٣ مثالية ٣ فكاهة ٢ حساسية ٣
ابن الرومي: واقعية ٢ مثالية ٣ فكاهة ٣ حساسية ٤
ونقف قليلا لنعترض على تقدير (لن يوتانج) لعنصر الحساسية عند شلي وهايني وشكسبير. . . إن الميزان قد اهتز في يد الكاتب الصيني اهتزازاً شوه معالم الذوق الأدبي