فرفعت إلى عينين مخضلتين بالدموع ودمعت بصوت مخنوق وهي تشهق: ألا يعود بابا ليشتري (عروسة) كهذه؟
- بالطبع سيعود يا فيفي. . . سيعود بعد أيام قليلة.
ولم يعد الأب بعد أيام قليلة، وأصبحت في مقامه لدى الأم. اليوم نخرج إلى المنتزه وغداً إلى المقهى وبعد غد إلى السينما، وفي (كازينو سفير) نالت إعجابنا مائدة منزوية في الزاوية اليسرى المطلة على شارع عثمان بن عفان، واعتادت فريدة أن تمر على رصيف هذا الشارع بصحبة الخادمة الصغيرة في طريقها إلى المنزل عمتها فترانا منهمكين في الحديث أو الضحك وتتوقف قليلاً وترمقنا بنظرات جامدة وتواصل سيرها مكفهرة الوجه. ثم تلتفت نحونا مرة ومرتين وثلاثاً حتى تختفي عن أنظارنا!.
وأصبحت فريدة اليوم غيرها بالأمس! كل شيء تغير فيها. أضحى الصمت طابعها المميز والكآبة سمتها الدائمة! واختفى الضجيج والمرح من البيت، وخيم عليه جو من الكآبة الثقيلة. فيفي، لماذا لا تضحكين؟! فيفي، لماذا لا تجرين في ساحة الدار؟! سلبت البيت بهجته ونشاطه؟!
وتحمل فريدة لعبها وتتخير ركناً منعزلاً وتنفرد بها وتمضي الوقت معها في صمت، وأقبل عليها ضاحكاً وأهتف مرحاً: أتسمحين لي بمشاركتك في اللعب يا فيفي؟
وتجمع دماها في هدوء وتنسل إلى غرفتها في سكون. . . لماذا أضربت عن مشاركتي في اللعب؟ ما الذي يبعث في نفسها الكآبة والصمت؟!
وفكرت هنيهة. دمية جميلة تعيد علاقتنا إلى صفائها. واشتريت (عروسة) كبيرة من الجنس تضع على رأسها طرطوراً وتجلس في هيئة المتأمل؛ الرأس بين الكفين والمرفقان على الركبتين