في تلك الأثناء دارت مقابلات بمصر حضرها الجنرال كاترو وزعماء من السوريين واللبنانيين وعند نهايتها عدت إلى بيروت وكان من المفروض أن تبقى المباحثات تحت طي الكتمان؛ ولكنى فوجئت في يوم من الأيام بزيارة نجل هاشم بك الأتاسي الذي نقل إلى رغبة والده في مقابلتي أن يتم ذلك في فندق معين بمدينة بعلبك. وقد قمت بهذه الزيارة فعلاً في اليوم الذي حدّده الرئيس هاشم بك الأتاسي فجاءت كأنها مقابلة عرضية في أحد صالونات الفندق المذكور. وفى أثنائها تحادثنا عما تم في القاهرة من اتفاق على النقاط الأساسية التي تعهد الفرنسيون الأحرار بإتمامها والتي ستكلَّل بعودة هاشم بك الأتاسي رئيساً للجمهورية السورية ليتولى إجراء الانتخابات الجديدة. وقد أبدى هاشم بك الأتاسي لي ارتياحه لهذه الفكرة ولم يعترض عليها وقتئذ.
وبعد يومين تلقيت دعوة من وزير العراق المفوض تحسين بك قدري للغداء بفندق صوفر، وهنالك وجدت دولة رياض بك الصلح الذي كان مدعواً معي فأخذ دولته أثناء الطعام يتحدث بلباقته المعروفة وذكائه الفائق عن اهتمام الرأي العام الوطني بالمفاوضات التي تولتها مصر وما يُرجى لها من خير وعند نهاية تناول الطعام أبلغني أن الكتلة الوطنية بالشام ترتب الآن شئونها وتجمع شملها كحزب منظم، وأنها قررت ألا ترتبط بشيء لا يأتي عن طريق رئيسها فخامة هاشم الأتاسي وطلب إلى وإلى وزير العراق المفوض أن يبلغ كل منا حكومته هذا الإجراء الذي يتفق مع مصلحة البلاد القومية والاستقلالية.
ولا أدري لماذا مرَّ بخاطري في تلك اللحظة الكثير من الحوادث التي قرأت عنها طويلاً، إذا عدت بمخيلتيإلى أعوام ١٩١٠ حينما كانت البلاد العربية جزءاً من الإمبراطورية العثمانية في الأعوام التي قام خديو مصر برحلته إلى الأقطار الحجازية وما أحيطت به رحلته في مختلف البلاد الأوربية من تأويلات ثم مجيء كتشنر إلى القاهرة ووضعه حداً لسياسة الوفاق التي رسمها غورست وما تبع ذلك من مقابلات تمت في دار العميد البريطاني مع بعض زعماء العرب سنة ١٩١٣، ثم برز أمامي النزاع القائم بين وزارة الخارجية البريطانية وحكومة الهند البريطانية في قيادة السياسة العربية وما تمخضت عنه سنة ١٩١٦ من قيام الملك حسين بن على وحروب لورنس المعروفة والمناداة بفيصل الأول ملكاً في دمشق؛ ثم تمثلت اتفاقات سيكس - بيكو والتفاهم الذي تم على حصص