للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السنة الأولى ١٥٥١٩٣٣، فما من طفل فرنسي لا يعرف هذه

القصة ولا يرويها لك؛ وإنك لتسمعها منه في شغف؛ ويروقك

أن تستعيدها من حين إلى حين. ومع ذلك فليس أيسر من

تلخيصها في سطر واحد: عنيزة كرهت الحظيرة والقيد

فانطلقت إلى الجبل حيث أكلها الذئب. ولكنها آية من (السهل

الممتنع) لا شك تعجز عن تدبيج مثلها الأقلام المرتفعة

الكبيرة. وإنها لتحقيق طيب لقولة راسين: (ما الفن إلا خلق

شئ من لا شئ).

وإذا ضاق المقام عن استعراض روائع التفاصيل في كثير من قصص دودية الممتازة، فلن نستطيع أن نهمل حديث دودية نفسه عن (الأشياء الصغيرة) وأسلوبه في النظر إليها - فهو يقول في سياق قصة شجية، خالية تمام الخلو من الأحداث، جعل عنوانها عبارة صاحبه (بثلاثمائة ألف فرنك وعدني بها جيراردان. . .):

(هناك آلام غريبة عنا، لا تربطنا بها وشيجة، ولا نلمحها إلا مصادفة، ونحن نعبر مكاناً ما، في دقيقة، أثناء سعينا الحثيث وخلال زحمة الشارع. . . تلك أجزاء من أحاديث متقطعة يتبادلها اثنان بين اهتزازات مركبة؛ هموم عمياء تتكلم وحدها، وبصوت مرتفع؛ كتفان مكدودتان؛ حركات مجنونة؛ عيون محمومة؛ وجوه شاحبة منتفخة من الدموع؛ أو أحزان حديثة العهد لم يحسن أصحابها كفكفتها في طيات ما يتدثرون به من سواد. . . ثم، أشياء صغيرة، تفاصيل خاطفة، ويالها من توافه! زيق رداء، أطالت الفرشاة حَتَّه، بالٍن يلتمس الظل. . صندوق من صناديق الطرب والموسيقى، تحت باب مسقوف، تديره يد متسول ولا يُخرج صوتاً. . شرط من المخمل في عنق حدباء، مشدود في قسوة، محكم العقدة مستقامها بين الكتفين الشائهتين. . . وتمر بك جميع هذه المناظر، مناظر البلايا

<<  <  ج:
ص:  >  >>