يُفرض أن تكون نموذجاً للفضيلة في الحياة. لقد تدهور الخلق في الخمسين سنة المنصرفة تدهوراً معيباً يدعو إلى الأسف الشديد.
إن السعادة الثانية لزواج سعيد أساسه الحب هي الأبناء. لقد كان أولادنا الخمسة مصدر سعادة خالصة لنا. مات اثنان من أولادي وهما صغيران، وتبعتهما ابنتي بعد مرض طويل، وقد مزق قلبي صوتها فرثيتها بأبيات أعتقد أنها كانت مصدر عزاء وسلوى لقلوب محزونة كثيرة. وتعلم ابني الأصغر في ايثون وفي كلية ماجدولين من جامعة كمبردج، وانتظم في سلك الكهنوت وأحبه الناس كثيراً في يوركشير. وكان ينتظره مستقبل باهر في خدمة الكنيسة. كثيراً ما كنت أردد قول هكتور في إلياذة هوميروس حينما حمل طفله استيانكس بين ذراعيه وهو يقول:(سيقول الناس عنه أنه كان أحسن من أبيه). لكن الحياة لم تمهله. لقد دفعه الواجب إلى التطوع في قوة الطيران الملكية إبان الحرب العالمية الأخيرة، وعين مدرباً، وكان عمله يستوجب أن يطير مع المتمرنين، وقد اضطرت الطائرة مرة إلى الهبوط، وتخلص ابني ريشارد منها، ولكنه حينما حاول إنقاذ رفيقه وتلميذه من الطائرة المحترقة اختنقوا وماتا معاً.
علينا أن نحذر من الآمال الكثيرة في الحياة الأخرى. إننا لا نستطيع تصورها إلا في حدود الزمان والمكان، ولكن إذا كنا من الذين يؤمنون بأن منقذنا المسيح قد ضمن لنا الحياة الخالدة فإن ذلك كاف لأن ننظر إلى الموت بغير ما يتراءى لنا. ولعلنا نوافق وليم بن على قوله:(إن الذين يحبون ما وراء الحياة، لا تستطيع الحياة فصلهم عما يحبون، وليس في مقدور الموت أن يقتل ما لا يمكن أن يموت، ولا أن يفرق بين الأرواح التي جمعها الحب في الحياة والتي سيجمعها ملكوت الله فترى نفسها في المرآة الإلهية وتتحدث بأسلوب طليق. . .)
وقد عينت عام ١٩٠٧ أستاذاً لكرسي اللاهوت في كمبردج بعد إقامة تقرب من السنوات الثلاث في لندن. كانت حياتي في عملي الجديد رتيبة، هادئة، رضية، وكنت أتمنى أن تستديم حتى نهاية عملي في الخدمة العامة. ولكن التاج بوساطة المستر اسكويث عام ١٩١١ عرض علي منصب مطران كنيسة سنت بول، وقد رأيت أن اللباقة تقضي علي أن أقبل مسؤولية هذا المنصب الخطير.