لإحداهما عن الأخرى: دعامة الصدق الفني ودعامة الصدق الشعوري، ومعنى هذا أننا إذ قلنا إن شعر شوقي يغلب فيه طابع الصدق الفني، فقد أخرجناه بعض الإخراج من دائرة الأداء النفسي، وكذلك ينطبق القول على أبي ماضي إذا ما حكمنا بالغلبة لطابع الصدق الشعوري في شعره. . . إذ لا بد من المساواة بين الصدقين لتكتمل العناصر الفنية المتفاعل لتكوين المزيج الأخير، ونعني به مزيج الأداء النفسي في شعر الشاعرين أو شعر المدرستين!
أما عن رأيي في مكان شوقي بين الشعراء ومكانة شعره في نفسي، فقد أبديت هذا الرأي من قبل، هناك في (تعقيبات) العدد (٨١٥) من الرسالة، تحت عنوان (لحظات مع أمير الشعراء)، ومهما يكن من شيء، فإن رأيي في شعر الرجل، هو رأيي في شعر الأداء النفسي، ولعلي قد أشرت إلى مكانة شعره حين أفضت في الحديث عن مكانة ذلك الأداء في موازين النقد. . . وللأديب الفاضل خالص الشكر وعاطر التحية.
إلى الصديق الفاضل صاحب (بيروت المساء):
قرأت في آخر عدد تلقيته من جريدتكم منذ أيام، مقالاً ثائراً تحت عنوان ضخم:(المعداوي يتهجم على أدباء لبنان). . . وكان مصدر الثورة أنني قلت للأستاذ سهيل إدريس على صفحات (الرسالة) وأنا أتحدَّث عن قصته (سراب)، مُشيراً إلى حملات خصومه من كتاب لبنان على إنتاجه القصصي:(. . . فلم لا ترفع معول الهدم لتهوي به على الأصنام، ولم لا تشق طريقك على أشلاء الجثث المحنطة في توابيت الأدب)؟!
قلت هذا للأستاذ إدريس بالأمس، فإذا أحد كتَّابكم يُهاجمني اليوم على صفحات (بيروت المساء) مُؤكداً أنني قد تهجمت على أدباء لبنان. . . معذرة إذا قلت لك إن هذا القول تنقصه الدَّقة في التعبير، وتعوزه الأمانة في تصوير الواقع. الحق أنني لم أتهجم على (أدباء) لبنان، ولكنني تهجمت على (أنصاف الأدباء) في لبنان، ولهذا لم تُثر كلمتي سخط الفريق الأول، ولكنها أثارت سخط الفريق الأخير!!. . .
ومعذرة مرة أخرى إذا وجهت إليك الحديث وأهملت ذلك الكاتب الذي كان يعنيني بكلماته. . . إنني ما تعودتُ قط أن أخاطب المجهولين! ولقد قلت لنفسي بعد أن فرغتُ من قراءة كلمته: كيف لم أسمع باسمه إلا اليوم، أنا الذي تعي ذاكرتي المتواضعة أسماء رجال الأدب