إلى المطبخ الجديد في شجاعة، أو تذهب إلى الشرفة بأقدامها القذرة، فتمزق الستائر، وتلهو بما تغسله العمات من ملبوسات وتلطخها بالطمي والغبار. ولم يكن لها اعتبار عند الأطفال. كان لهذه العائلة فتاة تدعى شوكان. وكانت تميل إلى اللعب في الفناء، فكانت الكلبة تطاردها مداعبة. وكانت الفتاة أحياناً ما تستحضر معها قطعة من الكعك، وتظهرها لها قائلة:(انظري! انظري يا بب!)
وسرعان ما تقفز على كوشان، فيتعالى صراخ الفتاة (أوه، ما ما، إن بب شريرة!) وكانت هذه دائماً صرخة كوشان في طلب المعونة. فتقبل عندئذ العمات مسرعات وينادين كوشان:(اهربي يا كوشان! في سرعة!) فتفر الفتاة باكية ولم يبق معها شيء من الكعك. لقد أخذته الكلبة منها، وبذلك حصلت على الحلوى التي تأكلها الناس، وبعدما تنتهي من أكلها، تلعق طرف أنفها بلسانها الأحمر
ومهما يكن من الأمر، فقد كانت لا تتعمد ما تقوم به من حركات، طيبة كانت أو شريرة. وكانت هذه الكلمات التي تسمعها من أفواه الأعمام والعمات لا تفهم لها معنى. فلم يكن لها طبيعة فهم تقاليد الناس المتمدينين وأحوالهم، لم تكن سوى كلبة سواء أكانت أفعالها مؤدبة أو خالية من الأدب. إنها حيوان مسكين يعمل كما توحي إليه طبيعته
ومر الشتاء القارس البائس، ولم تزل تتألم من هذه المعاملة، معاملة طردها، وكان من العجيب ألا تموت جوعاً في ذلك الشتاء لقد كانت المخلوقات البشرية في حالة محزنة، فكيف إذا يستغنون عن حفنات من أرزهم البارد لهذا الحيوان الجاهل، تلك الكلبة المتعبة التي لا تنفع في شيء؟ وكانت تهيم في الأماكن النائية، فتتبلغ بما تجده من أشياء، حتى قشور البرتقال
ثم أقبل الربيع، وأخذ الجليد في الذوبان، وبدت الكلبة كأنما نما عودها، وكانت كل الكلاب تتجمع حولها: بوتشي الذي يقطن دار كن سو، كورو الذي يعيش بدار الاستحمام، وآكا الذي يحرس مسكن تاجر الخشب، وذلك الكلب الضخم الذي يخض الجيران. وكان يتبعها ثلاثة أو أربعة منها أينما ذهبت وكان الموضع المريح في ظلال الشجرة الكائنة بالفناء مرتعاً لصدى هريرها وكأنها تود أن تهمس إليها بكلمات الغزل
ولاحظت ذلك المشهد عمة مقبلة نحو البئر الجانبية، وقد حملت معها دلواً، فقالت: (يا إلهي