تقديماً يبرز ما فيها من قيم، على شرط أن يعينني الطبيب الشاعر على تحقيق هذه الأمنية!
وحدث مرة ثالثة - وكان ذلك منذ أيام - أن دق جرس التليفون في مكتبي بوزارة المعارف، وكان المتحدث ذلك الشاعر الشاب الذي طالما أبدى رغبته في أن يجمع بيني وبين صديقه، وبعد دقائق من بدء الحديث أفهمني أن الدكتور ناجي إلى جانبه وأنه يريد أن يتحدث إليّ. . . وتكلم الدكتور وتكلمت، وكانت كلمات فيها كثير من الترحيب بلقائه، انتهت بالتواعد على اللقاء في حفلة التأبين التي أقيمت لفقيد السينما أحمد سالم بدار نقابة الصحفيين، ولقد اختار ناجي هذا المكان بالذات لأستمع إلى قصيدته التي ألقاها في الحفلة، عسى أن أغير رأيي في جناح الفراشة.
إلى هنا وأشهد الله أنني توجهت إلى نقابة الصحفيين رغبة في الاستماع لقصيدة الطبيب الشاعر، وأملا في إنصافه، وتحقيقاً لتسجيل إلى الإنصاف على صفحات الرسالة. . . وجاء دور ناجي في الإلقاء فمددت عينيّ، وأرهفت أذنيّ، وحشدت الذوق كله والشعور كله لتلك الأبيات التي بدأها بمطلع لا يبشر بالخير! ومضى الطبيب الشاعر في إنشاده حتى فرغ من إلقاء قصيدته، وقلت لنفسي ترى هل من الذوق أن أصارحهأم حسبه أن أصافحه؟! وبعد حساب طويل بيني وبين نفسي صافحته وانصرفت.
ومع ذلك فأنا في انتظار الملحمة الكبرى، وأرجو الله أن يهب الطبيب الشاعر من التوفيق ما يعينني على إنصافه. . .
تقدير الأدب والأدباء عندنا وعندهم:
إياك أن تعجب إذا قلت لك إن الذين شيعوا الكاتبة الأمريكية مرجريت ميتشل إلى مقرها الأخير بلغوا مائة ألف. . . مائة ألف ذرفوا عليها من الدموع ما يرطب ثراها إلى الأبد! ولا تعجب إذا قلت لكأيضاً إن السائق الأرعن الذي دهمها بسيارته فقضى على الفن والنبوغ في لحظات، هذا السائق قد جن جنونه ولطم خديه حين علم أن تلك التي قضى عليها لم تكن سوى صاحبة الذهن المبدع الذي أخرج للملايين قصته الخالدة (ذهب مع الريح!) ولا تعجب مرة ثالثة إذا قلت لك إن الصحافة الأمريكية قد طالبت بإعدام المجرم لأنه لم يقتل عابرة طريق، وإنما قتل مرجريت ميتشل. . . ولا تعجب مرة رابعة إذا قلت لك إن سكان الولاية التي أنجبت الكاتبة الأمريكية قد عهدوا إلى أحد نوابغ المثالين أن