ولكن فلم (عقبال البكاري) حدث جديد في هذا الميدان لم يسبق له مثيل. ذلك أنه لا ينتهز الفرص لتقديم الرقص وغيره، وإنما هو يحاول أن ينتهز الفرص في خلال الرقص لعرض قصة. . وللمرة الأولى نرى القصة خرجت عن (السيناريو) وصارت شيئاً آخر إضافياً، وأصبح (التقطيع) ينصبُّ على الرقص وما إليه. . .
ولم لا؟ ألست بطلة الفلم هي تحية كاريوكا؟ وها هي ذي تظهر - واسمها في الفلم تحية أيضاً - في أول منظر أمام الرسام حمدي باعتبارها (مثالاً) للرسم، وبينا هو يعمل في رسمها ويسمع قطعة موسيقية من الحاكي إذا هي تتحرك على الموسيقى وتروح ترقص وترقص. . . ولا بد من ذلك ليبدأ الفلم أو - على الحقيقة - ليرقص. . وتُنتهز فرصة فراغ تحية من الرقص لعرض مناظر يفهم منها أن حمدي الرسام تعلق قلبه بتحية الراقصة، فذهب إليها في (الصالة) التي تعمل بها، وهنا يستأنف الفلم مجراه الطبيعي، فيقدم ما تشتهي الأنظار من ألوان الرقص والغناء وفي حجرة تحية الخاصة نراها تستقبل حمدي ضمن زوار آخرين استقبال مجهول وتسأله عن اسمه. . فهل نسيت أو نسى المخرج أنها كانت عند حمدي في مرسمه، يرسمها وترقص؟ ولندع هذا فما هي إلا برهة وجيزة حتى نرى تحية وحمدي وآخرين معهما يتعشون في (كازينو نجمة الصبح) والحقيقة أن كلمة (العشاء) نسمعها من ألسنتهم فقط، فلم نر عشاء على المائدة التي جلسوا إليها قليلا ثم نهضوا للرقص. .
ونرى بعد ذلك حمدي يصارح تحية بحبه إياها وهي تبادله الحب، ويتفقان على الزواج، بعد أن يقول لها أنه فقير، وتقول له إنها ترضى به، لأنها تحبه وقد كرهت هذا النمط من الحياة الذي تجري عليه. ويبدأ في البحث عن شقة يسكناها، هو وصديقه جميل، ويعني المخرج بإبراز هذا البحث ليشير إلى أزمة المساكن، ولكنه لا يوفق في ذلك إذ أنه جعل من العسير عليهما أن يجدا أي شقة، مع أن الشقق الآن موجودة في كل مكان ولكن الأزمة في ارتفاع أجورها، اللهم إلا أن يكون الفلم أعد منذ سنوات وعرض الآن فقط.
وأخيراً يجد حمدي إعلاناً عن شقة خالية في منزل المعلم عاشور الجزار، ويذهب حمدي وصاحبه جميل إلى هذا المنزل، فيحدث اشتباه مفتعل ظريف، إذ يظن الجزار أن حمدي يخطب أخته العانس فيرحب به، ويجري الحوار بينهما مشبهاً، يفهمه حمدي على الشقة،