سل سيف الهوى على، ونادي ... يا لثأر الأعمام والأخوال
كيف أرجو ممن يرى الثأر عندي ... خلفا من تعطف ووصال
ما درت أسرتي بذي قار أني ... بعض من جندلوا من الأبطال
أيها الملزمى جرائر قومي ... بعد ما قد مضت عليها الليالي
(لم أكن من جناتها علم الله، وإني بحرها اليوم سالي)
ولأبي فراس، غير هذا الغزل الحقيقي، غزل تقليدي يفتتح به قصائده، ولا يريد به غالبا التعبير عن عواطف تجيش في نفسه. وهو في هذا الغزل يتشبه بالأقدمين في وقوفهم على الديار، وسؤالهم الأطلال:
على لربع العامرية وقفة ... يملى على الشوق والدمع كاتب
فلا، وأبى العشاق، ما أنا عاشق ... إذا هي لم تلعب بصبري الملاعب
ومن مذهبي حب الديار لأهلها ... وللناس فيما يعشقون مذاهب
وفي هذا الغزل التقليدي يبدو الضعف، والمغالاة والصناعة اللفظية، وتكرير المعاني المألوفة، ولا تحس بروح الغزل القوية المتدفقة، وأي قوة في قولة:
قلوب فيك دامية الجراح ... وأكباد مكلمة النواحي
وحزن لا نفاد له، ودمع ... يلاحي في الصبابة كل لاح
أتدري ما أروح به، وأغدو ... فتاة الحي: حي بني رياح
ألا يا هذه، هل من مقيل ... لضيفإن الصبابة أو مراح
وترى التشبيهات المتداولة بالشمس والغزالة والأقحوان، كما تلحظ في هذا الغزل أيضاً التناقض، وعدم الوقوف عند المعقول. نجد هذا التناقض في قوله:
إن الحبيب الذي هام الفؤاد به ... ينام عن طول ليل، أنت ساهره
ما أنس لا أنس يوم البين موقفنا ... والشوق ينهى البكا عني، ويأمره
وقولها، ودموع العين واكفة ... (هذا الفراق الذي كنا نحاذره)
فحبيب تكف دموعه ويحذر الفراق، لا ينام عن طول ليل يسهره صاحبه، ويبدو البعد عن حدود المعقول في قوله:
تسائلني من أنت؟ وهي عليمة ... وهل بفتى مثلي على حاله نكر