أما المواقع فاشهرها أجنادين وحطين، وقد ذكرهما ياقوت فقال عن الأولى (أجنادَين) وقد تكسر الدال وتفتح النون بلفظ الجمع، وأكثر أصحاب الحديث يقولون أنه بلفظ التثنية، ومن المحصلين من يقوله بلفظ الجمع، وهو موضع معروف بالشام من نواحي فلسطين. وفي كتابأبي حذيفة العبدري أن أجنادين من الرملة من كوره بيت جبرين كانت به وقعة بين المسلمين والروم المشهورة. . . وقالت العلماء بأخبار الفتوح شهد يوم أجنادين مائة ألف من الروم سرب هرقل أكثرهم وتجمع الباقي من النواحي وهرقل يومئذ بحمص فقاتلوا المسلمين قتالاً شديداً ثم هزموا وتفرقوا وقتل المسلمين منها خلقاً واستشهد من المسلمين عبد الله أبن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بنعبد مناف وعكرمة أبنأبيجهل والحارث أبن هشام. وأبلى خالد أبن الوليد يومئذ بلاء مشهوراً وانتهى خبر الواقعة إلى هرقل فهرب من حمص إلى إنطاكية وكانت سنة ثلاث عشرة قبل وفاةأبيبكر بنحو شهر فقال زياد ابن حنظله:
ونحن تركنا أرطئون مطرداً ... إلى المسجد الأقصى وفيه حسور
عشية أجنادين لما تتابعوا ... وقامت عليهم بالعراء نسور
عطفنا له تحت العجاج بطعنة ... لها نشج نائي الشهيق غزير
فطمنا به الروم العريضة بعده ... عن الشام أدنى ما هناك شطير
فولت جموع الروم تتبع إثره ... تكاد من الذعر الشديد تطير
رغودر صرعى في المكر كثيرة ... وعاد إليه الفل وهو حسير
وقال كثير بن عبد الرحمن:
إلى خير أحياء البرية كلها ... لذي رُحُم أو خلة متأسن
له عهد ود لم يكدر بريبة ... وقوال معروف حديث ومزمن
وليس أمرؤ من لم ينل ذاك كامرئ ... بدا نصحه فاستوجب الرفد محسن
فإن لم تكن بالشام دهري مقيمة ... فإن بأجنادين كني ومسكني
منازل صدق لم تغير رسومها ... وأخرى بميافارقين فموزن
(معجم البلدان ج١ ١٢٦).
وأما (حطين) فكانت فيها الموقعة الفاصلة بين صلاح الدين والإفرنج سنة (٥٨٣هـ) وهي