وكم من فتاة فيه سكري بلا طلى ... يراقصها السنيور لطفا مع السبك
وفيه صفي البال بالرقص مغرم ... يقول لذات الخال لابد لي منك
تميس كغصن البان عطفا وتنثني ... تفتر عن برق تألق بالضحك
ولولا الحيا والدين والعلم والتقى ... لقال حليف الزهد قد طاب لي هتكي
ومجلس انس قد تعطر روضه ... وأرجاؤه فاحت بها نفحة المسك
وفي الجو تقليد النجوم منيرة ... صواريخ أنواء الشهب تحكي
تلون كالحرباء بل ربما حكت ... يواقيت قد مرت على حجر الحك
وحلبة سبق الجياد يزينها ... (رماح أعدت للطعان بلا شك)
بتنظيم أوربا تسامى ابتهاجه ... وما فاته في الحسن طنطنة الترك
وهكذا صور الشعراء تلك الأفراح وما اعد فيها من ضروب اللهو وأنواع التسلية وألوان البهجة والسرور.
ومال الناس في عصر إسماعيل إلى التنزه في الحدائق والبساتين فكانوا يخرجون إلى شواطئ النيل ويقضون أوقات الأصيل بين الروضة والجزيرة والجيزة. وساعد على ذلك إنشاء جسر قصر النيل والجسر المواجه الذي يطلق عليه الآن كوبري (الجلاء). وقد تغنى الشعراء بهذه الأماكن ولا سيما محمود سامي البارودي الذي اكثر من ذكر (روضة القياس) و (ارض الجزيرة). . .
وظهرت في ذلك العصر حياة اللهو والمرح واقبل الناس على المسارح والملاهي وصالات الرقص ومحال الغناء. وارتقى الذوق الموسيقي وتقدم فن الغناء وعظمة مكانة المغنين. وقد اقبل بعض الشعراء على نظم الأدوار الغنائية والمقطوعات التي تلقى في حفلات التمثيل. وكثرت الأزجال والمواويل والموشحات وذلك لقربها من إفهام الناس. وظهر شعر عليه مسحة من الخلاعة والمجون. ومثال ذلك قول عبد الله فكري:
وهيفاء من آل الفرنج حجابها ... على طالبي معروفها في الهوى سهل
تعلقتها لا في هواها مراقب ... يخاف ولا فيها على عاشق بخل
إذا أبصرت من ضرب باريز قطعة ... من الأصفر الإبريز زلت بها النعل
هنالك لا هجر يخاف ولا جفا ... لديها ولا خلف لوعد ولا مطل