فنرى من هذا الشعر أن الآمة كانت تريد القضاء على المظالم وتطلب صلاحا شاملا للأداة الحكومية. وهذه الرغبات التي رددتها الشعراء تعتبر مقدمة للحركة العربية التي ظهرت فيما بعد.
بدأت الحركة العربية في فبراير ١٨٨١م وبلغت اوجها في سبتمبر من هذا العام. وكان الليثي هو الشاعر الوحيد الذي انبرى للدفاع عن العرابيين في حادثة قصر النيل المشهورة. فقال من قصيدة.
لما رأى جنده من شبهة عرضة ... قد عارضوا واتقوا بالجزم واحتزموا
يوم العروبة إذ شوال منتصف ... راموا انتصافا وكاد السلم ينحسم
أجاب سؤلهم وهو الجدير به ... فقابلوا بحسن الحمد واحترموه
ومنها:
وهب لجندك ما قد كان وارعهم ... بين أروع سيما طبعه الكرم
هب أنهم اخطأ لم يستخف بهم ... خوف به ثورة الأحشاء تضطرم
فكان ما كان من أمر مغبته ... والحمد لله لم يلمم بها ألم
أما لدي يحرك العذب الخضم لهم ... ما يثلج الصدر يطربه صدورهم
ألست أول ذي حلم محامده ... سارت مسير الصبى والناس قد علموا
رفقا وعطفا بالصفح الجميل اعد ... عادات بر لهم في عودها عشم
فهم لملكك أنصار وهم عدد ... عند الوغى ومثار النقع مرتكم
وهم سيوفك في يوم يضربه ... قلب الجبان وموج الحرب يرتطم
وهم دروع رعاياك الذين لهم ... في وصف معناك ما تعنوا له الأمم
حاشاك مولى أن تصغي لذي غرض ... لديه سيان من يحيا وينعدم
وكان من مطالب العرابيين إنشاء مجلس نيابي. وقد أجيب هذا الطلب وافتتح الخديوي توفيق مجلس النواب الجديد في ٢٦ ديسمبر عام ١٨٨١م وكان يوما مشهودا، وصدر دستور ١٨٨٢م فقوبل بالابتهاج العام وأقيمت حفلات كثيرة لهذه المناسبة وألقيت فيها الخطب والقصائد. ومدح البارودي الخديوي توفيق بقصيدة جاء فيها:
سن المشورة وهي أكرم خطة ... يجرى عليها كل راع مرشد