هي الطبيعة المادية - وماهية العالم المخلوق خلاف ماهية الله.
ويقول النظام من جانبه أن الخلق متعلق بإرادة الله، والخلق هو منح الوجود اعني تكوين - وهكذا يميز النظام إرادة الله عن موضوع هذه الإرادة وهو العالم المخلوق. ولكن النظام لا يقول أن هذه الإرادة متميزة عن ماهية الله. وبناء على ذلك تكون هذه الإرادة قائمة منذ الأزل. فمسالة خلق العالم مرتبطة ارتباطا وثيقا بمسالة إرادة الله.
المعتزلة والمذهب الحلولي:
إن المعتزلة مجمعة على تمييز إرادة الله عن موضوع هذه الإرادة. وهكذا يقررون موقفهم ضد المذهب الحلولي. وإلاشعري يؤكد موقف المعتزلة هذا كلما ذكر أحد رؤسائهم مثل معمر وبشر ابن المعتمر والمر دار والجبائي. فنجد مثلا في مقالاته هذا القول: يزعم المعمر أن خلق الشيء غيره. وإن الخلق قبل المخلوق وهو الإرادة من الله للشيء - وكذلك كان يزعم المردار. وهذه كلها أقوال واضحة تنفي المعتزلة بمقتضاها كل مذهب حلولي أو كل ما يؤدي إلى الاعتقاد بوحدة الوجود.
إرادة الله والشرع:
كما أن المعتزلة تقول أن الخلق متعلق بإرادة الله كذلك يقولون أن الشرع (القانون الخلقي) متعلق بهذه الإرادة أيضا. إذا هم قالوا إن الإرادة توافق الأمر فإنهم يميزون أيضاً هذه الإرادة عن الشريعة التي تأمر بها. ويقول أبوالهذيل بهذا الصدد إن إرادة الله للأيمان هي غيره وغير الأمر به فعليه إذا قلنا الله يريد شيئا وجب علينا أن نميز بين أرادته تعالى وموضوع هذه الإرادة. ولإرادة الله موضوع حتما، لذلك قالت المعتزلة إن الله يريد الشريعة. لكن هل الشريعة تكتسب قيمتها الخلقية من إرادة الله أم هذه القيمة موجودة ضمنا في الشريعة نفسها؟ نكتفي هنا بقولنا إن المعتزلة كانت تزعم أن الخير خير في ذاته وأن الشر شر في ذاته وليس بموجب إرادة الله. والله يريد الخير ويأمر به لأنه خير في ذاته، وينهي عن الشر لأنه شر في ذاته. فالله لا يختار جزافا أمورا ويقول عنها أنها خير أو شر، لا بل هذه الإرادة الكلية الكمال تميل طبعا نحو الخير وتنفر طبعا من الشر.
وهكذا يكون خلق العالم متعلقا بإرادة الله، والشريعة أيضاً متعلقة بهذه الإرادة. ولكن هذه