شعور الأب (شحاتة) نحو ابنته (نجف) فقد تحكم حبه أباها وحرصه على سعادتها في سير الحوادث إذ اضطره بهذا الدافع إلى المطاوعة في التدبير لاغتيال الخليفة، وغير ذلك من المواقف الرائعة.
وفي الرواية ما لا يثبت أمام منطق الوقع، من ذلك منظر نجف حين هبط عليها البستاني؛ فقد استقبلته كأنهما على ميعاد، مع أنه أول لقاء بينهما، ودار بينهما الحوار الغنائي غراميا حارا من أول وهله. . . وليس نفي الخليفة لصهره من المدينة بالذي يمنع أن يقال أنه تزوج بنت شحاذ. ولعله من القسوة على الرواية أن تأخذ بذلك، لطبيعتها إذ لا يقصد بها الواقعية، وهي إلى هذا (أوبريت) يمكن أن يتجاوز فيها عن مثل ذلك.
وجهد الكبير الذي اكسب الرواية حياة جديده، هو فلا الإخراج، فقد بذل فيها الأستاذ زكى طليمات كيرا من جهده وفنه، ويبدو ذلك في ناحيتين، الأولى ناحية المناظر الستة التي تسلسلت فيها الوقائع، المسجد، والسوق، ومنزل شحاته، والسجن، وقصر الخليفة، وبيت الوزير. كل ذلك مطبوع الزمان والمكان، تتوزع الأضواء مع كل منضر وعلى كل شخص كائنها تحليل نفسي وقد كان منضر الجو المحيط بنجف في منزلها وهى تحدث مربيتها عن الشمس الساطعة يمثل النهار في رابعته ونحن في الليل. . . الناحية الثانية هي ترتيب مواقف الممثلين وتحريكهم فقد وفقه في ذلك غير أنه يخيل إلي أن (الكورس) استعصى عليه في بعض الموطن لأنه خليط من غير المدربين الأكفاء. والجمال المعدوم في (بنات الكورس) بدرجه مخيفة. وقد بدا (فقر الجمال) جلين في اللائي رقصن. وقد كان الشحاذون أمام المسجد كثيرين جدا فكان هذا المنضر مبالغة لا داعي لها، على حين كان السوق غير عامر بالناس كما ينبغي، والدكانان اللذان به لا تظهر عليها سمة الدكاكين. وكان منظر (بائع الزردة) في السوق ظريفا وقد أضفى على المنظر روح السوق وحركته. مما أعده من قبيل التحليل النفسي في الإخراج ما صنعه الأستاذ زكى طليمات إذا ظهر صدا الوقائع الرئيسة على حركات الجمع المحتشد في كل المواضع التي تطلب ذلك فقد جعل بعض المتجمعين من الصبية وغيرهم يندمجون فيها يقع وتصدر منهم تصرفات مماثلة له، كأنهم ظلال أو خيالات في مرآة. وقد ظهره موقف الخليفة ماراً بالسوق على طريق مرتفع تمر عليها الجياد وتحمل الخليفة فكان منظرا جليلا، ولا شك أنة كان من الضرورة المسرحية