المحبوبة النائمة؟ ألا تشعر أن الكلمتين تنقلان إليك شبح عاشق يتسلل إلى مخدع حسناء في هدأة الليل ثم يرهب الضوء الذي يمزق مجت الظلام، ضوءه الغامر الذي يدفعه دفعاً إلى أن (يمس) الأرض في رفق وحذر؟! لقد طاف أولاً بالشرفة، حتى إذا رآها نائمة (مس الأرض في رفق)، وتسور الشوك، وتسلق الغصن، واستلم الركن. . . أرأيت إلى هذه الوحدة النفسية في تسلسل الخواطر وإلى هذه الوحدة الفنية في تسلسل الألفاظ؟ إنها الهندسة المطلوبة في مثل هذا الأداء!
وتمضي القصة في طريقها إلى فصل آخر أو إلى مرحلة أخرى من مراحل التجسيم الشعري. . . هنا في المقطوعة الرابعة يقدم الشاعر هذا المشهد الجديد الذي مهد له بالمشهد السابق في المقطوعة الثالثة لقد افلح العاشق المضني في الوصول إلى المخدع الموموق، وأصبح الجسد الفاتن أمام عينيه يثير مكامن الغريزة من مرقدها ويدفع بها محرقه في يديه. . . وبدأ المحب العربيد يفتن في حل طلاسم النهود، وراحت أصابعه المحمومة تعالج الردن بغية الظفر بالكنز المعبود! إنها لحظة سكر من لحظات الهوى الغلاب، لحظه يعرفها كل عاشق مفتون كهذا العاشق، حين يصب من خمر الصبابة دناناً على خدود الحسان!
وفي نهديك طلسمان في حلهما فتنا
إلى كنزهما المعبودات يعالج الردنا
وتمهل إذا بلغت المقطوعة الخامسة، تمهل لأن هنا مركزاً من مراكز التحول في خطوات الأداء النفسي؛ هذا التحول الذي يفرضه على الشاعر انتقال العدسة من وضع إلى وضع، ليلتقط الصورة من زاوية رئيسية يندفع فيها الضوء من الأمام إلى الخلف حتى يكتشف ما وراء المشهد من آفاق. . . وستتكشف لك تلك الآفاق في المقطوعة السادسة والسابعة على التحديد، أين هو مركز التحول في هذه المقطوعة؟ هو في تلك اللقطة الموحية بأن العاشق المضني قد حاول أن يقبل الثغر، وأن يلف النهد، وأن يضم الجسد. . . وأنه قد مني في محاولته تلك بالخيبة وباء بالخذلان، هناك في المقطوعة السادسة حيث تروعك وثبة الأداء في هذين البيتين: