العلماء - هو تساوي طرفي الخبر: وقوعه ولا وقوعه. وقد يذكر الشك ويراد به الظن، كما قالوا أفعال القلوب تسمى أفعال الشك واليقين. وإن لم يتساو الطرفان فاراجح ظن، والمرجوع وهم، ويقول الزبيدي (هو مرجوع طرفي المتردد فيه)
وانتقل الوهم بعد ذلك نقلة واسعة، اخذ فيها صبغة تشريحية ظهر بعدها بطابع سيكولوجي متميز، (فقالوا هو قوة جسمانية للإنسان محلها آخر التجويف الأوسط من الدفاع من شأنها إدراك المعاني الجزائية المتعلقة بالمحسوسات كشجاعة زيد وسخاوتة، وهذه القوة هي التي تحكم في الشاة بأن الذئب مهروب عنه، وأن الولد معطوف عليه، وهذه القوة حاكمة على القوى الجسمانية كأنها مستخدمة إياها استخدام العقل القوى العقلية بأسرها).
هذا ما انتهى إليه الجرجاني وتابعه في غيره، ونستطيع أن نعبر عن قصدهم بالوهم هنا بأنه (غريزة) من شأنا أن تكون قوة فطرية هدفها حماية الكائن.
غير أن الفارابي يرى أن (الوهم هو القوة التي من المحسوس ما لا يحس مثل القوة التي في الشاة إذا تشبح صورة الذئب في حاسة الشاة تشبحت عداوته ورداءته فيها إذ كانت الحاسة لا تدرك ذلك).
أما الغزالي في تقسيمه العلوم فيقول (والعلم الذي يتولى النظر فيما هو بريء عن المادة في الوهم لا في الوجود هو الرياض) ويقول أيضا (الحواس الباطنة خمسة: الحس المشترك، والقوة المتصورة، والقوة المتخيلة، والقوة الوهمية، والقوة الذاكرة. . . وأما الوهمية فهي التي تدرك من المحسوس ما ليس بمحسوس كما تدرك الشاة عداوة الذئب، وليس ذلك بالعين بل بقوة أخرى وهي للبهائم مثل العقل للإنسان).
وأخيراً ليس الوهم خلعة صوفية فقالوا إن الوهم (الوهم محتد عزرائيل من محمد (ص): خلق الله وهم محمد من نور اسمه الكامل. وخلق عزرائيل من نور وهم محمد. فلما خلق الله وهم هذا الإنسان من نور الكمال أظهره في الوجود بلباس القمر، فأقوى شيء يوجد في الإنسان القوة الواهمة فإنها تغلب العقل والفكر والمصورة والمدركة وأقوى الملائكة عزرائيل لأنه خلق منه وقالوا (إن الله تعالى جعل الوهم مرآة نفسه ومجلى قدسه، ليس شيء في العالم أسرع إدراكا منه، ثم اعلم أن الله لما خلق الوهم قال له: أقسمت ألا أنجلي لأهل التقليد إلا فيك، ولا أظهر إلا في مخافيك وأفرد أبو الحارث المحاسبي كتاباً في