ويروى الخزرجي في حوادث سنة ٧٢٥ هـ (١٣٢٥ م) من عهد السلطان المجاهد أن جيشاً مصرياً يبلغ عدده ألفي فارس، وصل إلى اليمن في شهر رجب (يونيو) من تلك السنة وعليه الأمير سيف الدين بيبرس والأمير جمال الدين طيلان، ومعهم اثنان وعشرون ألف جمل تحمل عددهم، فأستقبلهم السلطان في زبيد، فلما دنو منه ترجلوا وقبلوا الأرض بين يديه وساروا في خدمته ساعة، وألبسوه خلعة فاخرة وعمامة بعدبتين. وبعد أن أقاموا في زبيد عدة أيام صحبوا السلطان إلى تعز. ويضيف الخزرجي أن المصريين عاثوا في المدينة فساداً، فكانوا لا يجدون طعاماً إلا أخذوه بثمن بخس وانتهبوا بيوتاً كثيرة، وضربوا كثيراً من الناس حتى قتلوهم، وقطعوا جميع الزرع في مدينة تعز وضواحيها، وارتفعت أسعار الحاجيات وضاقت البلاد على أهلها.
ولم يرحل الجيش المصري عن اليمن متوجهاً إلى الشام ألا في شهر يوليو (شعبان) من نفس السنة، وقد فرح أهل اليمن برحيلهم.
وتوفي السلطان المجاهد سنة ١٣٦٣ م وخلفه ابنه الأفضل العباسي الذي تخلل عهده عدة ثورات قام بها الأشراف والمماليك وبعض أخوته. وبالرغم من أن أجزاء كثيرة من الدولة الرسولية استقلت في عهد السلطان الأشرف بن الأفضل سنة ١٣٧٩ م، فإن نفوذ ذلك السلطان ظل قوياً وظلت وفود الدولة المجاورة مثل الهند والحبشة تفد إلية وتخطب وده وتقدم له مختلف الهدايا. وبعد موت السلطان الأشرف سنة ١٤٠٠ م صار تولية السلاطين وغزلهم يحدث في فترات قصيرة تتخللها عدة ثورات للمماليك وتخص بالذكر المماليك المصريين المقيمين باليمن والمعروفين هناك باسم (المماليك الغرباء).
وانتهى الأمر باستيلاء بني طاهر على اليمن سنة ١٤٥٤ م فانتهت بذلك دولة بني رسول.
من كل ما تقدم ترى أن هناك أوجه شبه عديدة بين الدولة الرسولية في اليمن ودولة المماليك في مصر. فلقد عاصرت كل منهما الأخرى تقريباً إذ قامت الدولة الرسولية سنة ١٢٢٩ م أحد وعشرين سنة قبيل قيام الدولة المملوكية، وظلت تلك الدولة زمناً وعاصرت الدولة المملوكية بمصر حتى سنة ١٤٥٤ م. وكان سلاطين الدولتين في بادئ الأمر أتباعاً لسلاطين الأيوبيين ثم تمكنوا بقوة نفوذهم وضعف أسيادهم أن يستأثروا بالملك لأنفسهم. واعتمدت كلتا الدولتين على فرق من المماليك ولا سيما المماليك البحرية الذين لعبوا درواً