للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خلقوها هم أنفسهم. وإلى أن يتحرر العالم من هذه العقائد والأفكار اليهودية فلن تكتب له النجاة من شرور اليهود ونفوذهم وإذا أفلح اليهود في بث أفكارهم في وسط من الأوساط - وإنهم لناجحون في ذلك فعلا في معظم أنحاء العالم - أمنوا العدوان عليهم فينصرفون عندئذ بأساليبهم الجهنمية إلى جمع الثروات الواسعة فيدعمون بذلك كيانهم ويثبتونه. ولقد ساعدهم على ذلك كله ما تبرره لهم دياناتهم من إتباع لوسائل الدنيئة في الحياة.

واليهودية دين عجيب في العالم، أو هو الدين الوحيد الذي يعتقد أتباعه أنه بأنه خاص بهم ووقف عليهم، وإن الله خلقهم لسيادة هذا البشر وتسخيره في سبيل أغراضهم ومصالحهم؛ فهم لذلك لا يرحبون بأن يدخل في دينهم أحد لأنهم لا يحبون أن يشاركهم في المغانم التي وعدهم الله بها. والمسلم مثلا مهما بلغ به التعصب الديني يرحب بأن يشاركه في هذه السعادة - حسب اعتقاده - كل البشر لأنه يؤمن بأن الدين إنما أنزل لخير البشر أجمعين. وكذلك الحال بالمسيحي فإنه لاعتقاده بأن المسيحية دين نزل ليسعد ويهدي البشر عامة فهو يتوق إلى إشراك غيره من البشر في هذه السعادة ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ومتى أصبح غير المسيحي مسيحيا فقد أصبحت له نفس الحقوق الأخرى التي يتمتع بها المسيحيون ويسعدون بإشراكه فيها. وهذا لعمري أقل ما ينتظر من دين سماوي محترم. ومن هنا ينشأ خلاف أساسي بين اليهود من جهة وبين سائر البشر - مسلمين ومسيحيين - من جهة أخرى؛ فإن بني البشر جميعا مهما اختلفت مذاهبهم السياسية وغاياتهم الدنيوية لا يستطيعون أن يتجردوا من إنسانيتهم تجردا تاما، ولا بد لتسكين هذه الحوافز الإنسانية من اعتناقهم لمذاهب دينية تهدف في النهاية إلى اشترك العالم بأسره في السعادة والخلاص. هذا ما يؤمن به المسلم ويعتقده المسيحي وما يحبه كل البشر بعضهم لبعض عدا اليهود الذين كما أسلفنا يعتقدون في إله يصطفيهم دون البشر ويقصر عليهم المغانم والامتيازات، وهو إذ يبسط عليهم كل هذا النعيم المنتظر يمنعهم بحرمان غيرهم منه.

وبعد فإن شعباً يحمل هذه العقيدة وينظر إلى البشر هذه النظرة لا يمكن أن ينسجم مع سائر البشر في حال من الأحوال. وإنك لتقابل رجلا من المسلمين مغالين في تعصبهم ولكنهم كلما غالوا في تمسكهم بشعائر الدين شعرت بتمكن العواطف الإنسانية منهم وتمنيهم على الله أن ينتشر الإسلام فيشمل كافة البشر ليظللهم أجمعين بالسعادة والاطمئنان. وهذا هو

<<  <  ج:
ص:  >  >>