عن بيعتين، وما عبد الملك عندنا إلا باطل كابن الزبير، ولا ابن الزبير إلا باطل كعبد الملك، فانظر فإنك ما جئت لابنتي وابنه، ولكن جئت تخطبني أنا لبيعته. . .
قال الرسول: أيها الشيخ، دع عنك البيعة وحديثها، ولكن من عسى أن تجد لكريمتك خيراً من هذا الذي ساقه الله إليك؟ انك لراع وإنها لرعية وستسأل عنها، وما كان الظن بك أن تسئ رعيتها وتبخس حقها، وأن تعضلها وقد خطبها فارس بني مروان، ولن لم يكن فارسهم فهو ولي عهد المسلمين، وان لم يكن هذا ولا ذاك فهو الوليد بن أمير المؤمنين؛ وأدنى الثلاث أرفع الشرف فكيف بهن جميعاً، وهن جميعاً في الوليد.؟
قال الشيخ: أما إني مسؤول عن ابنتي، فما رغبت عن صاحبك إلا لأني مسؤول عن ابنتي. وقد علمت أنت إن الله يسألني عنها في يوم لعل أمير المؤمنين وابن أمير المؤمنين وألفافهما إلا يكونون فيه إلا وراء عبيدها وأوباشها دعها وفجارها. يخرجون من حساب هؤلاء إلى الحساب على السرقة والغضب، إلى حساب هؤلاء إلى حساب التفريط في حقوق المسلمين. ويخف يومئذ عبيدها وأوباشها ودعارها وفجارها في زحام الحشر، ويمشي أمير المؤمنين وابن أمير المؤمنين ومن اتصل بهما، وعليهم أمثال الجبال من أثقال الذنوب وحقوق العباد.
فهذا ما نظرت في حسن الرعاية لابنتي، لو لم أضن بها على أمير المؤمنين وابن أمير المؤمنين لأوبقت نفسي. لا والله ما بيني وبينكم عمل، وقد فرغت مما على الأرض فلا يمر السيف مني في لحم حي.
ولما كان غداة غد جلس الشيخ في حلقته في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للحديث والتأويل، فسأل رجل من عرض المجلس، فقل يا أبا محمد أن رجلا يلاحيني في صداق ابنته ويكلفني مالا أطيق. فما اكثر ما بلغ إليه صداق أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصداق بناته؟
قال الشيخ: روينا أن عمر رضي الله عنه كان ينهى عن المغالاة في الصداق ويقول: (ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا زوج بناته بأكثر من أربعمائة درهم) ولو كانت المغالاة بمهور النساء مكرمة لسبق إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وروينا عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: (خير النساء أحسنهن وجوها وأرخصهن مهورا.)